لفت إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن حميد، أن المملكة العربية السعودية كانت مسبعة بشرية ممزقة سياسيا وتاريخيا وأمنيا، وكان بلدا متناحرا يعيش على هامش التاريخ، ثم أصبح بيت العرب ودار المسلمين وارتفعت مكانتها، حتى غدت شريكا مع الكبار في صنع القرار وطن يسكن التاريخ ويسكنه التاريخ.
وقال في خطبة الجمعة بعد أن أوصى المسلمين بتقوى الله عز وجل والعمل على طاعته واجتناب نواهيه: “إن النعم لا تدوم إلا بالشكر وشكرها صرفها في طاعة الله ولا يغير الله على قوم أمنهم ورخائهم إلا حين يكفرون بنعم الله وإن من أعظم شكر النعم تذكرها ، ومن أعظم ما أنعم الله به على هذه البلاد بلاد الحرمين الشريفين نعمة التوحيد والوحدة وإقامة الشرع وبسط الأمن والأمان ورخاء العيش ونعوذ بالله من التقلبات السياسية والحروب الأهلية والتحزبات الطائفية”.
وأضاف قائلا: “لقد من الله على هذه البلاد بطالع السعد والسعود الإمام المؤسس ورجاله رحمهم الله فوفقهم الله وأعانهم فبسطوا الأمن وأقاموا الشرع فكان عهدهم عهد تحول في تاريخ البلاد فانشغلت به من حال إلى حال من الضياع الممزق والجهل الهالك والمرض المنتشر والخوف المهيب إلى الاستقرار والوحدة والنظام والتوحيد والطمأنينة والعلم والصحة وسلامة الفكر والتحضر ، فلله الحمد والمنة”. وأشار الشيخ ابن حميد إلى أنه لا يعرف فضائل الأمن إلا من اكتوى بنار الخوف والرعب والفوضى والتشريد والغربة، فاسألوا القرى من حولكم ، واسألوا الغريب عن وطنه واسألوا المشرد عن أهله ، وشاهدوا بعين الشكر والبصيرة ما تنقله إلينا وسائل الإعلام من حولنا ، فالعالم حولنا تجتاحه الفتن والحروب ويحيط بهم الخوف والرعب والجوع واليأس والقلق والسلب والنهب في فوضى عارمة وغابة موحشة.
وبيّن إمام وخطيب المسجد الحرام أن من أهم عوامل الاستقرار أولا الإيمان بالله والاعتماد عليه سبحانه ، ومن أهم مظاهر الإيمان تطبيق الشريعة والمحافظة على مقاصدها والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،وثانياً عدم الالتفات لما يثار من تشويشات أو شبهات حول الحزم في تطبيق الشرع باسم التحضر وحفظ حقوق الإنسان. وتساءل من هو الذي أضاع حقوق الإنسان ومن هو يا ترى الذي أضاع حقوق الإنسان ثم تباكى عليها ، وقال إن تحكيم شرع الله هو العامل الحاسم الذي يقف عليه نظام الحكم في بلاد الحرمين الشريفين حاضن مقدسات المسلمين ويقوم عليها أمن البلاد وسعادتها ومن عوامل الاستقرار لزوم السمع والطاعة في غير معصية الله. وأفاد أن لزوم الطاعة لا يمنع حق النصيحة ولا المطالبة بالحقوق بإخلاص ومصداقية وأدب في إعانة على الحق وتذكير بحوائج العباد وحقوقهم وحب صلاحهم واجتماع الأمة عليهم ، والتدين بطاعتهم وأن طاعتهم من طاعة الله ورسوله.
ونبّه خطيب الحرم المكي النظر إلى أن من عوامل الاستقرار قيام كل مسؤول بمسؤولياته وواجبه بالمحافظة على المكتسبات فالوطن للجميع والأمن نعمة للجميع وذلك كله مسؤولية الجميع مسؤولا وتاجرا ومعلما ومفكرا وإعلاميا. وقال: “قد علم الجميع أن هناك محاولات وجهات تستهدف الوحدة وتكدر الأمن وانتهاب الخيرات حسداً من عند أنفسهم على ما أنعم الله به من اجتماع الكلمة والأمن على الدين والدنيا والأعراض والأموال، ونحمد الله على أنها نعمة كبرى لا تجتمع في كثير من الدول”.
وأكد إمام وخطيب المسجد الحرام أنه قد علم العقلاء أنه لا مكان لمخرب بين شعب يقظ ويقف يدرك معنى البناء ويقف حارسا أمينا ساهرا على حقوقه ، وقال: “إن المؤمن الصادق هو الذي يغار على أهله وبلده ويعمل أكثر مما يتكلم، فيد تحمي ويد تبني ، فيحذر ويحذر من كل ما يدار حوله ، وحصيف يدرك مكائد الأعداء ، وكل مخلص لا يسمح في هدم بلده بتطاول على قيمه وثوابته أو يسعى في إشاعة الفوضى أو الاستجابة لمن يريد زعزعة الاستقرار والإخلال بالأمن فالأمن هو شريان الحياة لا أمن للثروات ولا أمن للنفوس إذا لم يحفظ الله أمن القرى والديار وفي ظل الأمن يهنأ الطعام ويلذ النوم ويذوق المسلم حلاوة العبادة”.
وحذر من أن يصاب المرء بفقد الذاكرة ثم لا يستيقظ إلا بعد فوات الأوان ولآت ساعة مندم، وقال: “نعم إن طول الإلف قد يفقد المرء الإحساس فانظروا أحوال جيرانكم الذين فقدوا الأمن والاستقرار كم يتمنون العودة إلى سابق أحوالهم وقد علمتم أن منع الفتن أسهل من دفعها ، فأحفظ الله يا عبد الله إذا مر بك يوم وقد سلم لك فيه دينك وبدنك ومالك وعيالك فأكثر شكر الله تعالى فكم من مسلوب دينه ومنزوع ملكه ومهتوك ستره ومقصوم ظهره وأنت في أمن وستر وعافيه”.
وأبان إمام وخطيب المسجد الحرام أن عوامل الاستقرار الإعلام الصادق البعيد عن ترويج الأكاذيب والأراجيف وقلب الحقائق والتهويل للوقائع وخداع الناس مؤكدا أن الإعلام إما أن يبني وإما أن يهدم ، والذي من ذلك ويقي بإذن الله عدم الاستسلام والتسليم لكل ما يذاع أو ينشر في هذه الوسائل كافة فذلك أمر خطير وتهديد مباشر لأمن النفوس والأوطان.
وقال ابن حميد، إنه لا يلزم أن يكون للإنسان رأي أو موقف من كل قضية تطرح أو مسألة تورد أو حادثة تقع فالرأي الصحيح والموقف السليم لا يطلب إلا من خبير مختص محيط بالقضية متصور لأبعادها فليس من دلائل الحكمة ولا الوعي الحرص على المشاركة في كل قضية والمسارعة في التغريد حول أي موضوع حتى لو بدأ له أن ما يقوله حق وصواب بل قد تكون كثرة المشاركات والمداخلات سبباً في إثارة فتن وبث أفكار ونشر شائعات وتصيد أخطاء وهفوات والعاقل لا يستعجل الكلام في كل مناسبة ولا يبادر في الحديث عن أي قضية. وشدد على أن ملاحقة التغريديات وتتبع أحوال القائمين على بؤر التوتر يوقع في ضلال مبين عاقبته الانشقاقات والتصدعات وهدم المكتسبات وحاصلة فوضى فكرية ومداخلات مضطربة وتعليقات بائسة ويختلط فيها الحابل بالنابل مما هب ودب ونتيجتها الفرقة وعاقبتها العذاب في نفوس سوداء وحقد متبادل وغير مسوغ ولا معقولية.
ولفت إمام وخطيب المسجد الحرام إلى أن سبل الاستقرار والأمن أن يشتغل المسلم الناصح المخلص بخاصة نفسه وبما يعنيه وبما يحسنه وبما يفيد فيه أمته وأهله وبلده ، فخير الناس أنفعهم للناس وطوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس.
وفي المدينة المنورة، أوصى إمام وخطيب المسجد النبوي فضيلة الشيخ عبدالمحسن القاسم المسلمين بتقوى الله حق التقوى فمن أتقاه هداه ومن لجئ إليه حفظه ووقاه. وقال في خطبة الجمعة: “إن الله سبحانه وتعالى جعل هذه الأمة آخر الأمم وفيها تظهر أشراط الساعة وعليها تقوم القيامة وأخبر سبحانه عن قرب ذلك فقال (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ)، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذكر الساعة أحمرة عيناه وعلا صوته وأشتد غضبه، وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن زمان قيامها مررا، قال تعالى (يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ)”. وأشار إلى أن من رحمة الله سبحانه بعباده أن جعل للساعة أمرات قبل قيامها ليعود الناس إلى ربهم مستشهداً بقوله تعالى (فَهَلْ يَنظُرُونَ إلا السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً فَقَدْ جَاء أَشْرَاطُهَا).
وأوضح أن علامات الساعة الكبرى إن خرجت فالأخرى على إثرها قريبا منها وأن أمرا كبيرا جعله الله من علامات الساعة ما من نبي إلا حذر أمته منه ، مستشهداً بقوله عليه الصلاة والسلام “ما من نبي إلا وقد أنذر أمته” وأنذر منه النبي صلى الله عليه وسلم أمته فقال “إني لأنذركموه”، وكان الرسول عليه الصلاة والسلام يتعوذ في صلاته من فتنته ويعلم أصحابه التعوذ منه كما يعلمهم السورة من القرآن ويعظ صحابته ويخبرهم عن قرب ظهور ذلك الأمر ، وكان السلف أمرون بالتذكير به ألا وهو الأعور الدجال.
وقال إمام وخطيب المسجد النبوي، إن الدجال إذا خرج فر الناس منه إلى الجبال فزعاً وأغلق باب التوبة ، مستشهدا بقول الرسول عليه الصلاة والسلام “ثَلاثٌ إِذَا خَرَجْنَ، لَايَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا، لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ، أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا، طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا،وَالدَّجَّالُ، وَدَابَّةُ الأرْض”، مشيرا إلى أنه في خفقة من الدين وأدبار من العلم يخرج الدجال فتنة للعباد بما يخلق من الخوارق ليتميز المؤمن من الكافر ويتبين المسلم من المرتاب في قتل الرجل ثم يحييه بإذن الله ويأمر السماء أن تمطر فتمطر والأرض أن تنبت فتنبت ويمر بالخربة فيقول لها أخرجي كنوزك فتتبعه كنوزها وكل ذلك محنة من الله تعالى ليهلك المرتاب وينجو المتقين”.
وبيّن الشيخ القاسم أن خروج الدجال قد دنا فقد قال عن نفسه ” وإني أوشك أن يؤذن لي في الخروج”، لافتا إلى أن لخروجه علامات ومنها ذهاب ماء بحيرة طبرية وقد قل ماؤها الآن وهو في نقصان وذهاب ماء عين زغر بلدة في الشام ، ومن علاماته بعثة النبي صلى الله عليه وسلم. وقال: “إن الدجال حي الآن في دير جزيرة من جزر البحر ويكون أول مخرجه من حي يقال له اليهودية من مدينة أصبهان في أرض خرسان يخرج معه سبعون ألفا من اليهود له حرس وأعوان ومشيه في الأرض سريع ولا يدع قرية إلا هبطها في أربعين ليلة يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كأسبوع ويوم كأيام السنة إلا مكة والمدينة لا يدخلها ، وهذا من فضل الله تعالى على أهل مكة والمدينة أن يعمرها بطاعته فقد خصها الله بحفظها من الدجال”.
وكشف عن أن من أسباب العصمة من الدجال العلم الشرعي باسماء الله وصفاته ، فالدجال أعور والله تعالى لا يراه أحد في الدنيا والدجال يراه الناس ومكتوب بين عينيه كافر يقرؤه كل مؤمن والتمسك بالدين والإكثار من الدعاء بالتعوذ منه والفرار منه والابتعاد عنه مستشهداً بقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم “من سمع بالدجال فلينأ عنه ، فوالله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فيتبعه مما يبعث به من الشبهات أو لما يبعث به من الشبهات”، مشيرا إلى أن القرآن الكريم أصل العصمة من كل فتنة فمن سمع بخروجه وهو حافظ لعشر آيات من أول سورة الكهف عصم منه قال عليه الصلاة والسلام “فمن أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف”.
وقال: “إنه إذا كثر أتباع المسيح الدجال وعمت فتنته ينزل عيسى عليه السلام عند المنارة الشرقية بدمشق فيلتف عباد الله حوله فيلحق عيسى عليه السلام بالدجال حين توجهه إلى بيت المقدس فيدركه عند باب له في فلسطين فإذا رآه الدجال ذاب ذوبان الملح فيلحقه عيسى عليه السلام فيقتله بحربة”.
وخلص أمام وخطيب المسجد النبوي إلى أن خسارة المسلمين بوفاة النبي صلى الله عليه وسلم عظيمة ولو كان حيا لكفانا شر المسيح الدجال، مستشهدا بقوله عليه الصلاة والسلام “إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم”، حاثا المسلمين على الإكثار من العمل الصالح قبل خروج الدجال.
التعليقات
اي امن وامان الذي تتحدثون عنه لقد انكشفت كذبة الثلاثين عامآ بان الامن والامان في بلادنا هو بمحض الصدفة
اترك تعليقاً