قضية المعلم عبدالله و تلميذه الباكي قضية معروفة ، و لا تربطني بهما صلة قرابة و لا سابق معرفة و لست معلما أساسا.
بداية ؛ دعوني أذكركم بقضية المحامي المصري الذي حاول تهريب كمية من الحبوب المخدرة للمملكة ، و ادعت زوجته ادعاءات كاذبة حول ملابسات ضبطه و تفتيشه .
ثارت ثائرة اﻹعلام المصري يومها و انتشر الخبر كاذبا أن القضية برمتها ملفقة ضده لمواقفه السياسية و كسب المحامي و من ورائه زوجته تعاطف اﻹعلام المصري الذي حرف الحقيقة و لعب على وتر الوطنية ليكسب المشاهد المصري الذي لم يرى كامل المشهد .
حين انكشفت الحقيقة و أعترف المحامي و ظهر كذب الزوجة و بان التلاعب اﻹعلامي و كسبت المملكة بحكمتها و إعلامها المتزن و بهدوئها المعهود معركة العدالة و الحقيقة .
جاء بعدها عقلاء مصر و كرامها لتنقية اﻷجواء و لقاء خادم الحرمين حفظه الله الذي كان والدا للجميع في تعامله مع اﻷحداث .
أجدني مضطرا لتقديم المقال بما سبق ﻷنها حادثة تشبه كثيرا ما حدث للأستاذ عبدالله من جهة قلب اﻹعلام للحقيقة .
المفارقة الوحيدة في المشهدين أن المحامي مذنب يحاول اﻹعلام تبرئته و المعلم بريء يحاول اﻹعلام إدانته .
من قواعد الفقهاء و القضاة :
الحكم على الشيء فرع عن تصوره ، و لايمكن أن تتصور قضية حتى تحيط بملابساتها و تدرك مجرياتها و تسمع من كل أطرافها .
و لذلك يقال إذا جاءك من قلعت عينه باكيا فلا تحكم له حتى ترى خصمه فلعل المشتكي قد قلع عينيه .
لقد حمل المقطع ما لا يحتمل و ذاع صيته و انتشر حتى ظهر على كبريات القنوات و الكل يقول معلم غير كفوء و استاذ غليظ القلب .
نعم هذا ظاهر اﻷمر و لكن الحقيقة وراء التصوير شيء مختلف تماما يدل على رحمة المعلم و أبوته و حرصه على التلميذ .
أراد المعلم الحريص جدا على أبنائه أن يبين لولي اﻷمر المشكلة التربوية التي يعانيها الطالب و يسارع في حلها و يتفهم وضع الطالب على حقيقته خاصة و أن ولي اﻷمر بعيد في إقامته عن الطالب فارسل المقطع له و للمرشد الطلابي .
لم يقم المعلم ألبتة بنشر المقطع ليسخر من تلميذه و لا صوره ليوثق قسوة قلبه و غلظته و استهتاره .
هل يصور عاقل دليل ادانته بيده …!
لكن وسائل اﻹعلام لم تظهر كامل الحقيقة حتى كبريات الصحف و القنوات لم تمنح المتهم المفترض فرصة ليبين الحقيقة و لم تقل حاولنا اﻹتصال بالمعلم الذي صور الطفل .
لقد اظهرت الصورة مغلوطة تماماً كما فعلت القنوات المصرية في قضية المحامي مع عكس المسألة.
محام مذنب جعلته بريئا
و معلم بريء جعلته مدانا .
كل ذلك لتحقق سبقا صحفيا و تترك أثرا كاذبا في ذهنية المتلقي ليتلقف المجتمع الخبر تماما كما نقلته و أظهرته مقلوبا .
لقد تحدثت مع زملاء المعلم و مع مشرفي إدارة تعليم صبيا و مع معارف المعلم فأدركت أنه يعيش واقعا نفسيا سيئا بسبب تحريف الحقيقة و ﻷن الوسيلة التي استخدمها لإصلاح مشكلة تلميذه تحولت لمشنقة تلف حول مستقبله.
و ﻷن وسائل إعلامنا حولته من معلم متميز و ناجح طوال أكثر من عقد من الزمن إلى لا شيء أو إلى مجرم حرب يحب أن يباد لتعيش الطفولة و اﻹنسانية بسلام من بعده .
و هنا نصرة للحق و وقوفا مع المظلوم بما أقدر عليه أوجه التماسا و طلبا و رسالة باسمي و باسم كل المعلمين الذين يعرفون عبدالله و باسم كل من ينشد العدل و يكره الحيف ، للمسؤولين على التعليم أن يحيطوا بكل ملابسات الموضوع و أن يسمعوا من كل اﻷطراف و أن ينظروا لما قدمه المعلم لوطنه طوال فترة خدمته و كلي ثقة في القائمين على أمر التعليم سواء في إدارة تعليم صبيا التي يديرها رجال من أهل الفضل أو في الوزارة التي يقوم عليها رجال تربية و تعليم من الطراز اﻷول .
و رسالة لوسائل اﻹعلام و خاصة المرئي أن تتصل بالمعلم صاحب القضية و مدير مدرسته لتسمع منهم طرف القضية اﻵخر .
و أخيرا و بما أنه لم يصدر في حق المعلم شيء حتى اللحظة فأذكر من سيتخذ القرار بالله و أربأ بهم أن يسيرهم اﻹعلام المقلوب أو ترهبهم الصورة المعكوسة و كلي ثقة بحكمتهم .
يقول الله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين )
و يقول الله تعالى في الحديث القدسي ( يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي و جعلته بينكم محرما فلا تظالموا )
التعليقات
اترك تعليقاً