قال إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس إنه في ظل الأزمات المتراكمة وأمواج التحديات الحالكة المتلاطمة وانتشار أضاليل الهوى تبرز قضية مورقة فاتكة للنفوس ممزقة هاتكة تحذوا بفئام من الناس إلى الولوج في غياهب معدومة الرغائب من اليأس والقنوط والإحباط وظلمات الشمات والشماط وبين هذا وذاك يتقلب أناس نصبوا أشرعتهم لرياح التشاؤم واليأس مشيرًا إلى أن هذا الداء العضال الذي ما ألمَ بأمم إلا أوبقها ولا بأفراد إلا التيار أوهقها ومما يزيد في الطين بلة والداء علة ضحالة الوعي والفهم وانصراف كثير من الناس عن العلم وأهله وانسياق كثيرين خلف الشائعات المغرضة.
وبين في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام أن اليأس والقنوط سدفة من حلك الظلام لذلك زجر القرآن عن هذه الصفة القاتمة المخلخلة وحشر الموسومين بها في زمن الضالين وجعل أهل اليأس من القوم الكافرين داعيًا المتشائمون إلى العودة إلى معين الإسلام وتوحيده النقي لافتاً إلى ضرورة العيش بالأمل والتفاؤل عملاً بتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف وتحقيقاً لمقاصد شريعتنا الغراء من تحقيق المصالح وتكثيرها ودرء المفاسد وتقليلها وتأسياً بهدي نبينا العظيم موضحاً أن الأمل نبراس في مجاهل الحياة وفجر ساطع في دياجيب الكربات.
ودعا المسلمين إلى طرح الكسل عن أنفسهم والوخم والونى والأخذ بأسباب الفلاح والنجاح من التوكل والجد والاجتهاد لأن الأمل رسالة وعمل وفقدانه يبعث على مجافاة الاعتدال والوقوع في الغلو والتكفير والتدمير والأعمال الإرهابية أو الجفاء والتنصل من الثوابت والمحكمات الشرعية.
وأوضح أن من روائع الأمل وبديع التفاؤل ومن أبهر من مواقف النبل ومآثر المواساة والتآخي التي سطرتها بلاد الحرمين الشريفين رعاة ورعية في التخفيف من جراحات إخواننا المصابين ونصرة الحق على الباطل والعدل على الظلم مهما عتى وتجبر أهله فكان الأمل بعد الحزم نورًا يضئ البصائر والأبصار ويبعث في النفوس البشر والضياء بعدما أتت عاصفة الحزم ثمارها وحققت أهدافها لرد عدوان عصابات البغي والطغيان التي مردت على الظلم والعدوان وانقلبت على الولاية الشرعية وخدمت أجندات خارجية تريد أن تزرع بذور الطائفية الإقليمية المقيتة في المنطقة برمتها فيعاد الأمل رسالة ومنهج وعمل لعلهم يثوبون إلى رشدهم ويعودون إلى صوابهم ولتتاح فرصة البناء والإعمار والإغاثة والإثار وتضميد الجراح وتحقيق دروب الصلاح والنجاح والفلاح مؤكدًا أن مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية امتداد للدور الرائد لبلاد الحرمين الشريفين ورسالته الإسلامية والإنسانية العالمية وإنه بحق لمأثرة تاريخية ومفخرة إنسانية ومبادرة حضارية ونقلة إغاثية نوعية.
وحث إمام وخطيب المسجد الحرام شباب الأمة على التفاؤل بمستقبل مشرق زاهر والاجتهاد في الحاضر لينعموا بما هو آت كما دعا الطلاب والطالبات إلى الأخذ بأسباب الأمل والنجاح مبشرًا جنودنا البواسل وأبطالنا الأشاوس جنود الإسلام بالنصر المبين والعزة والرفعة والتمكين موجهاً رسالة إلى الأشقاء في اليمن قائلاً إعادة الأمل فرصتكم الذهبية فلا تضيعوها بخرق الهدنة الندية ولتحذوا على الأمن والاستقرار والشرعية ونبذ الفرقة والطائفية جعل الله الأمل حليفكم والخير أليفكم مطالبا المضطهدين في دينهم في الأرض المباركة فلسطين وبلاد الرافدين وفي الشام وفي كل مكان التدرع بالأمل العريض.
وفي المدينة المنورة تحدث إمام خطيب المسجد النبوي الشيخ حسين آل الشيخ عن الوصية العظيمة التي صدرت من معلم البشرية الرسول صلى الله عليه وسلم التي فيها الحلول الناجحة لما تعانيه الأمة من فتن ومحن وتحديات.
وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد النبوي إن المسلمين يعانون في الوقت الراهن أنواعاً من التحديات والفتن والمحن المستعصية والعقلاء يتطلعون لرؤية مستقبلية تنقذ الأمة من ما هي فيه وقد طرح المثقفون رؤيتهم والساسة حلولهم والكتاب نظراتهم وتعددت التحليلات للأسباب وتنوعت النظرات للمخارج والحلول دون جدوى.
وأضاف أنه قد آن الأوان للأمة جميعاً شعوباً وأفراداً وحكاماً ومحكومين أن يستيقظوا من ثباتهم وأن يعودوا لمصدر قوتهم وأساس صلاحهم بعد ما جربوا حزم من التجارب المعتمدة على السياسات البشرية والأفكار المستوردة التي لم تجر إلا خزياً وهواناً وضعفاً وتأخراً ودماراً وآن الأوان أن يستجلوا الحلول الناجحة لما حل بهم من منطلقات ثوابت دينهم ومرتكزات عقيدتهم مشيراً إلى أن الأمة لن تجد الحلول الناجحة لأدوائها والمخارج لأزماتها ومشكلاتها إلا من فهمٍ صحيحٍ لكتاب الله جلا وعلا وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
وأوضح إمام وخطيب المسجد النبوي أن الرسول صلى الله عليه وسلم أوصى أمته بوصية خالدة عظيمة تصلح بها حياتها وتسعد بها مجتمعاتها وتزدهر بتحقيقها بلدانها وصية يجب أن تكون نصب أعيننا وأن يكون تطبيقها حاكم تصرفاتنا وموجه تحركاتنا ومصحح إراداتنا وتوجهاتنا فهي وصية لا تنظر التغليب مصلحة قومية ولا تنطلق من نزعة عرقية أو نظرة أنية وصية صدرت ِمن َمن لا ينطق عن الهوى وثيقة محمدية ووصية نورانية تنهض بالأمة للحياة المزدهرة المثمرة بالخير والعزة والصلاح والقوة والرقي والتقدم والاجتماع والوئام.
وأكد أن وصية الرسول صلى الله عليه وسلم لأمته احياء شامل للفرد والجماعة والنفوس حياة تبنى على قوة الإيمان التي لا غنى عنها في مواجهة الأزمات فهي احياء يسير بالأمة إلى النهضة بأشمل وأدق معانيها وأخص صورها مما يحقق السعادة ومعايشة الأمن والسلام والخير.
وأوضح أن العزة للمسلمين في تحقيق هذه الوصية العظيمة مضمون والمجد في الدارين بتنفيذ بنودها مرهون والأفراد بدون تحقيق هذه الوصية في ضياع والمجتمعات في البعد عن مضامينها إلى خراب ودمار.
وأكد الشيخ آل الشيخ أن وصية معلم البشرية عليه السلام لأمته وصية تربط المسلم بالأصل مع اتصاله بمنتجات العصر وثيقة من محمد صلى الله عليه وسلم تحقيقها هو الضامن الأوحد للتحديات التي تواجه الأمة الإسلامية وتستهدف قيمها ومقدراتها وخصائصها.
ودعا معاشر المسلمين إلى الاستماع لتلك الوصية العظيمة والوثيقة الخالدة سماع استجابة وتحقيق واستماع امتثالاً وانقياد بكل صدق وإخلاص مستشهداً بقول ابن عباس رضي الله عنهما قال : كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوماً فقال (يا غلام إني أُعلمك كلمات : احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، إذا سأَلت فاسأَل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم أن الأُمة لو اجتمعت على أَن ينفعـوك بشيء ، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء ، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ، رفعت الأقلام وجفت الصحف).
وأضاف أن حفظ الله جلا وعلا هو حفظ حدوده والالتزام بحقوقه والوقوف عند أوامره بالامتثال حفظ يمنع الجوارح من الزلل والحواس عن الخلل حفظ يضبط الشهوات أن تميل بالمجتمعات والأفراد إلى الظلال حفظ يتضمن قيام الحاكم والمحكوم بما أوجبهم الله عليهم من رعاية الحقوق وأداء الأمانة والوفاء بالعهد حفظ يتضمن لزوم تطبيق الناس للإسلام تطبيقاً شاملاً لمجلات الحياة دون تأويل أو هوا.
وأبان فضيلة إمام خطيب المسجد النبوي أن من حقق حفظ الله بجميع معانيه وكما جاء في وصية خير البشر عليه الصلاة والسلام تحقق لها حفظ الله ورعايته وعنايته حفظ يشمل دينه ودنياه في جميع أطواره في حياته وبعد مماته حفظ يحقق له المصالح المتعددة بأنواعها ويدفع عنه الأضرار والأخطار بشتى أشكالها.
التعليقات
الله يعين ع الدنيا
اترك تعليقاً