يعشق كبار السن من آهالي محافظة وادي الدواسر جنوب مدينة الرياض خلال موسم الشتاء تناول النبتة العشبية الحولية ” الحرشاء ” التي لعبت في الماضي دورًا مهمًا في حياة سكان الوادي أيام شح الطعام، وعدت الوجبة الرئيسة لهم وقت البرد.

و” الحرشاء ” عبارة عن نبات عشبي حولي داكن الخضرة ينتمي إلى الفصيلة الخردلية، وطول النبتة الواحدة 60 سنتميترًا، وهي ذات جذر غير مغزلي، وورقة لحمي بعض الشيء ، متميزة بقابليتها للزراعة في الأراضي الرملية والتربة التي لاتصلح لزراعة القمح، وتؤكل فاترة أو باردة مع التمر أو بدونه.

ويتم إعداد وجبة “الحرشاء” من خلال جمع أوراق الحرشاء الغضة بعد أن تقطع إلى أنصاف أو نحوها، ويوضع قليل من الماء بدون ملح في قدر كبير ويترك حتى يغلي ، ثم توضع كمية من الورق في القدر ، وتغطى وتترك قليلاً حتى تغلي وتهبط في أسفل القدر، ليضاف إليها كمية أخرى، ويغطى القدر وتترك قليلاً حتى تغلي ويقل حجمها، وهكذا حتى نهاية الكمية المراد طبخها ، ثم تترك القدر مفتوحة على نار هادئة مدة ساعتين أو نحوها حتى تتناقص كمية الماء إلى مستوى ما يغطي الورق أو أقل بقليل ، فتترك بدون غطاء حتى تبرد تماماً ، وتصبح جاهزة للأكل.

وقالت إحدى مسنات وادي الدواسر اللاتي أشتهرن بإعداد هذه الوجبة وتوزيعها على جيرانها وأقاربها إلى أن إعداد وطبخ الحرشاء يفضل أن يكون في مكان مكشوف أو جيد التهوية بسبب الروائح القوية التي تصدر عنها أثناء الطبخ حتى زوال الغازات المتبخرة من الحرشاء.

وأفادت أن أفضل الأوقات لطبخها قبل غروب الشمس، ثم تركها في مكانها لتبرد بعد أن تخمد النار ، ويأكلونها في الصباح أو الضحى ، ويمكن أن تطبخ في أي وقت لكن طول المدة بين الطبخ والأكل يجعل طعمها أفضل ونكهتها أجود، وتؤكد أن ليس هناك أية طريقة لطبخ الحرشاء غير تلك الطريقة .

ومن جهته، أوضح الباحث في مجال الزراعة والنباتات حميد بن مبارك الدوسري أن الحرشاء تزرع في الأراضي الرملية والتربة الفقيرة التي لاتصلح عادة لزراعة القمح، وتزدهر كثيرًا في الأرض الخصبة والري المنتظم بعد اعتدال الجو في منتصف شهر أكتوبر حتى بداية أبريل بعدد من الطرق أشهرها الخلط مع محاصيل أخرى، وهو مايعرف بالتغريب الذي يعني خلط قليل من بذور أحد المحاصيل مع محصول آخر خاصة القمح والشعير، في حين قد تزرع الحرشاء وحدها كمحصول مستقل، وبعد 40 يوماً من الزراعة يمكن قطف أوراق نبات الحرشاء وطبخها .

وقال حميد الدوسري: كانت الحرشاء الوجبة الوحيدة لأهالي وادي الدواسر في الماضي مع التمر، وعدت وجبة رئيسة في شهر رمضان ويتسحرون منها ويفطرون عليها.

وتطلع الدوسري إلى زراعة الحرشاء على نطاق واسع والاستفادة من استهلاك ورقها ضمن الأوراق الخضراء مثل : السلق، السبانخ، والملوخية خاصة مع سهولة زراعتها ووفرة محصولها.