في سفري الأخير لمسقط رأسي قررت أن أتحايل على (ساهر)، بحيث أتجاوز السرعة القصوى المسموح بها وعندما أشاهده أخفض السرعة بوقت قياسي، حتى أتجاوز (فلاش ساهر) بسلام، وأسلم من نشره لخطيئتي المرورية إلى المرور، ومن ثمّ إرسالها على هاتفي الذكي لإقراري بالمخالفة المرورية المرتكبة وفيها أيضاً قيمة الكفّارة الواجب عليّ دفعها والتي بموجبها تُمحَى خطيئتي المرورية.
منذ تحرّكي وأنا معلن حالة الاستنفار لحواسّي الخمس، حتى أصابني التعب من شدة التركيز، وأصبحت أتخيّل (ساهر) في كل لحظة وبما أن لونه (أشهب) من لون الطبيعة الصحراوية فقد أصبح كل جسم أراه بجانب الطريق فهو ساهر، فقد أشغل حواسي وأفكاري عن نفسي وطلباتها، وبالطبع ارتكابي لهذا السلوك الخاطئ ليس الهدف منه التمرد على النظام، وإنما لمناسبة عند عائلتي يهمني حضورها ولا تسمح الظروف بتأجيل تلك المناسبة، وبالتزامي بالسرعة القانونية تفوتني هذه المناسبة المهمة.
فتجاوزت العديد من آلات (ساهر) بأمان، حتى أنه أصابني غرور وظننتُ أني قادر عليه طوال سفري فتماديت أكثر، وفي العودة أيضاً أعلنت حالة الاستنفار من الداخل أريد أن أسجل سفري هذا عبر التاريخ بأقصر مدة زمنية وبلا أية مخالفات مرورية، فبلغ مني التشنّج مبلغه، فقطعت مئات الكيلومترات بسلام، وبعد أن قطعت أكثر من نصف المسافة رأيت مجموعة شاحنات و(كرافانات) لأصحاب ماشية متوقّفة في المواقف الجانبية للطريق ربما أنهم راحلين للشمال بحثاً عن مراتع أفضل (للحلال).
وبما إني أحب البرّ وأحب تربية المواشي فَسَحَبت تلك المعدات وما معها تركيزي وفكري عن الطريق وعن تربصات (ساهر) للعابرين المتجاوزين على القانون، فشدّني الشوق فأخذتني الأماني المستقبلية ولم أفيق إلا على وميض (فلاش ساهر) على حين غفلة وسرحان عميق، عند أول السياج الفاصل بين الطريق والمواقف الجانبية، فتوقفت أفكاري فجأة وتحول الحلم إلى كابوس، وتعكر مزاجي، وضاقت عليّ الأرض بما رحبت، فقد انتزع (ساهر) كبريائي وحوّلني إلى عابر سبيل ضعيف، حاشر أنفاسي وأفكاري في الطريق، لا أزيغ عنه قيد أنمله، أترقّب (ساهر) في كل لحظة كما كان يترقب القدامى وحوش البرية.
حينها تخلّى عني تهوّري وكبريائي وبدأتُ في جلد ذاتي، واشتد عراك داخلي كل جهة تلقي باللوم على الجهة الأخرى، غفلة لا تصل مدتها للدقيقة وربما ثواني معدودة ثمنها (300) ريال، فنتج عن العراك الداخلي إعفاء أفكاري السابقة وإحالتها إلى التحقيق وحرمانها من بعض متطلباتها المفضلة لمدة أسبوعين، فالتزمت بالسرعة المحددة القصوى(120) كم وكان كل شيء على ما يرام، وقبل مدخل محافظة تيماء تم تغيير السرعة من(120) إلى (90) ومن ثمّ إلى (80) وكل هذا التغيير بمسافة قصيرة (فلقطني ساهر) وأنا أراه رأي العين ولكن ظننت أن السرعة ما زالت (120) ولم أنتبه للوحات تقليص السرعة.
عدتُ من سفري البري بفضل الله من غير مشاكل وحوادث وهذا كرم من الله إلا أنني أضفت لحسابي أربع مخالفات مرورية، ثلاثة منها صادني(ساهر) بحيلته الماكرة والأخيرة صادني (بدلاخة) مني والنظام غير مسئول عن (الدلوخ).
ولذلك نصيحتي لنفسي أولاً ولكل الإخوة والأخوات محاولة التذاكي على (ساهر) مغامرة فاشلة، ومتعبة لا تستحق كل هذا الجهد الشاق، تقيدوا بالأنظمة المرورية حفاظاً على سلامتكم وسلامة الآخرين، وصيانة لمدخراتكم المالية، وكما (لساهر) أضرار فله أيضاً فوائد يكفينا منها ضبط المتهورين العابثين بالسلامة المرورية.
دمتم بحفظ الله ورعايته.
التعليقات
اترك تعليقاً