الاعداد السابقة للصحيفة
الجمعة29 مارس

السلم و الثعبان و درجات الإيمان

منذ 11 سنة
5
2489

يولد الإنسان بدون سابق معرفة للسيرة الذاتية لبيئته و مجتمعه و ثقافته لكن الشيء الوحيد الذي يعرفه هو عبوديته لله عز و جل , و قد روى لنا البخاري يرحمه الله عن أبي هريرة رضي الله عنه قول الرسول صلى الله عليه و سلم : (كل مولود يولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه ، أو ينصرانه ، أو يمجسانه ، كمثل البهيمة تنتج البهيمة ، هل ترى فيها جدعاء ) .

و هنا يتضح بلائنا و مسؤوليتنا فمن ولد من أبوين كافرين بلاه الله تعالى بالحرمان و هو صنف من بلاء الشر كما قال تعالى في سورة الأنبياء : ( وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ) فلا محرك له إلا بواقي الفطرة داخله و عقلا إن أعمله يميز به و تسخير الله له من أو ما يلفت انتباهه للرسالة الخاتمة فبين مهتدين آمنوا و بين من في ظلمات يعمهون .

و الصنف الآخر بلاه الله تعالى بالخير فقد ولد لأبوين مسلمين عرف الله و رسوله و ذاق طعم العبادة و حلاوة الإيمان .

و منهم من زاد إنعام الله عليه فجعله ناطقا بلغة القرآن و ربما كان من أهل الحرم ينظر بيت الله و يعتاد زيارته أو كان ممن يتمتع بروضة من رياض الجنة تسكن روحه بركعتين يقيمها فيها .

خلال الفترة التي أقمت فيها مع زوجي في المملكة المتحدة و عندما كنا نُسأل من أي البلاد أنتم ؟ فنجيب من مكة . تعلوا ابتساماتهم و تزيد حرارة المصافحة و تخضر قلوبهم فرحا و تدمع أعين البعض شوقا للمكان الذي تهفوا إليه الأفئدة و ينظرون لنا نظرة إكبار و تزكية , و بعضهم عند الله أكرم لعلوا منزلته بالطاعة و نفسي غافلة .

في أحد دروس العقيدة للدكتور محمد الرياني جزاه الله خير و التي تكلم فيها عن الإيمان و كيف يزيد بالطاعة و ينقص بالمعصية , أخذتني كلماته للتأمل في حال المسلمين و أنا و أنتم و تصورتنا تعلونا الروحانية فنرتقي و نسموا , ثم يزل لسان أحدنا بغيبة أو غضب أو سب و شتم أو اضاعة الساعات الطوال بلا ذكر بمشاهدة الأفلام أو ظلم و جور أو من يحوم حول الحمى أو وقع فيه .

مثل لعبة السلم و الثعبان المعروفة فتقوى ترفعنا كتلك السلالم و معصية تدحرجنا للأسفل عبر تلك الثعابين و عظيم الطاعة يعظم معها السلم و كبر المعصية يكبر معها الثعبان و نعيش حياتنا بين القمم و القيعان , فأما من ران على قلبه سواد المعاصي فلم يبقى له بريق لم يبرح القيعان , و من أعانه الله على نفسه ناجز القمم و هذا لا يتأتى جزافا بل بالسعي و الدعاء و جهاد للنفس و هواها .

قال الشافعي يرحمه الله :

شكوت إلى وكيع سوء حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصي وأخـبرني بأن العـلم نــور ونور الله لا يهـدى لعـاص .

و بين هذه الحالات نتدرج إلى أن يأتينا اليقين فلنسأل الله حسن الخاتمة على الإيمان , و لنسعى لرفع الهمم لنبلغ القمم .

التعليقات

ا
ام البراء الخثعمية عدد التعليقات : 14 منذ 11 سنة

وفقك الله اخت ميساء وابلغك مرادك

ي
ياسر نجيب عدد التعليقات : 1 منذ 11 سنة

جزيت الجنة

م
مهره عدد التعليقات : 648 منذ 11 سنة

مقال رائع جداً أستاذه ميساء ..نسأل الله أن يثبت قلوبنا ويعيننا على طاعته ..!!
وأزيد على كلامك ..من أراد أن يزيد الايمان في قلبه ويصبرعلى طاعة الله و على مغريات هذا الزمن يتذكر قول الله تعالى :
( وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ )

وجزاك الله الخير …دمتي مبدعه في كتاباتك ..!!

م
معلق مثقف عدد التعليقات : 15 منذ 11 سنة

ماشاللله مقال رائع وانا قراءة كثير من مقالاتك تدل علي عمق الثقافه والثقه الي الامام

ا
ام عبدالرحمن عدد التعليقات : 8 منذ 11 سنة

كالعادة ياميساء مجتهدة ولديك هدف بإذن الله سيوفقك العلي القدير لتحقيقه

اترك تعليقاً