قتلوا الشعر !!!
الشعر في السابق يُعرف بأنه فن وأدب وتوثيق لمرحلة معينة، وصلنا منه الجيد، أما غير ذلك فمات مع صاحبه في حينه .
أما حالياً فهو ابتذال وسخافة ووجاهة وأقرب طريق للشهرة، بل يعتبر ـ في نظر البعض ـ من مكملات الرجولة! فلا تكتمل رجولة أحدهم إلا بكونه (شاعراً)! وإذا كان الرجل لديه عيوب كثيرة فهي تُغتفر فقط لكونه (شاعراً)، وهذي حقيقة ملموسة وواضحة، بل والأغرب من هذا كله أن من نظم بيتين أصبح يعرف في المجالس بأنه الشاعر الكبير العلم فلان !
في الحقيقة لا يلام الشاعر على كل هذا مع الأسف، لأنه وجد بيئة مهترئة وسيئة رحَّبت به ووضعته في أعلى المراتب فقط لكونه ( شاعراً )، يُرحَّب به في الإعلام والمجلات والمنتديات وحتى المسابقات الشعرية بأنواعها فُتحت له الأبواب على مصراعيها بل وتُقدَّم له جوائز بالملايين وتُقدَّم له على طبق من ذهب شهرة عالية جداً في وقت قياسي ربما لاتتعدَّى أسابيع من دخوله المسابقة يحلم بها لسنوات لو لم يدخل مجال الشعر، ولانلوم الإعلام أيضاً في ذلك لأن السالفة فيها ( بزنس ) ، أو كما يقال ( رزق الهبل على المجانين ) ..!!
طبعاً لن نتكلم عن المسابقات الشعرية بأنواعها لأن وراء الأكمة ماوراءها ..!!! ولكن عتبي وانتقادي هو ( ابتذال الشعر )، في السابق كان الناس يتلهفون لسماع الشعر ( الحقيقي ) فكانوا يسافرون آلاف الكيلومترات فقط من أجل سماع قصائد ( حقيقية ) فكان للقصيدة طعمها الخاص، الآن تغيّر الوضع كثيراً ففي كل عائلة هناك ( شاعر من فئة أبو ريالين )، أصبح الكلُّ يقصد والكلُّ يتوجّد والكلُّ يتغزَّل والكلُّ يقدّم نصائحه من خلال الشعر وهو ربما لم يبلغ بعد .!! كثر الشعر في كل مكان بالقنوات والمجلات وحتى تويتر تجد كلَّ شخص يعرف نفسه بأنه ( شاعر أو متذوق للشعر ) وبيني وبينكم تويتر .
الطريف والمضحك في الأمر أنه لاتكاد تخلو مناسبة من الشعر ففي حفلات التخرّج يقال الشعر وفي حفلات التمائم والمناسبات وكذلك الزواج يقال الشعر أيضاً، ولم يتبق إلا العزاء هو الوحيد الذي لم يقل الشعر فيه .!!
أصبح الشعر يحاصرنا في كل زاوية وفي كل مكان وكما يقال (الشيء إذا زاد عن حده انقلب إلى ضده) لذلك أصبحنا نمقت الشعر بعد أن كنا نحب سماعه وترديده، المهم في الموضوع أننا أصبحنا لانفرّق بين الشعر الحقيقي والتهريج، بسبب كثرة الهرج والمرج والكلُّ يدّعي بأنه (أشعر من خلق ربي)، في الختام ندعو من يُسَمّون مجازاً بالشعراء في وقتنا الحالي أن يقتدوا ببدر بن عبدالمحسن عندما يقول: تملني الجدران وأظهر لشرفة ، تحت السماء وأسكر الباب خلفي … الخ.
