نصيحة للكُتاب الجدد !
لا يمكنك أن تصحو في وقت متأخر بعد منتصف الليل لتقرر أن تكون كاتباً في إحدى الصحف المطبوعة أو الالكترونية والتي أصبحت لا تحصى لكثرتها، أعني الصحف الالكترونية .
ما أود قوله هنا، هو أن الكتابة ليست قراراً تقرره متى ما أردت، أو كيف تريد، لكي تُنادى بالكاتب فلان أو المدون علان.
الكتابة مالم تكن موهوباً أولاً وقبل كل شيء فإنك لن تتجاوز أبعد من أرنبة أنفك، ولن يعرفك أحد هذا إذا كان هدفك هو الوصول للشهرة، وبالمناسبة طلب الشهرة ليس عيباً، ولكن بشرط أن تكون ملماً بأسرار صنعة الكتابة، وهي الموهبة قبل أي شيء.. ومن ثم تقوم بتعهدها ومحاولة التطوير من أدواتك، وسقايتها بالبحث والقراءة جيداً في المجال الذي تود الكتابة عنه، وتكون قارئاً نهماً لما دونه كبار الكُتاب والمفكرين الحاليين ومن سبقهم، وتتعلم منهم كيف يكتبون مقالاتهم بطريقة ساحرة وفاتنة، وكيف يربطون عدة مواضيع في مقال واحد، متسلسل الأفكار والفكرة بدون أن تلاحظ أن هناك خلل ما في الربط بين فكرة ما وما قبلها، وقتها ستصبح كاتب لك شأن في المستقبل القريب، رغم أنف كل رئيس تحرير لايريد استكتتاب شاب لايعرفه أحد، لأنه لن يأتي للصحيفة ويُحضر معه جمهور كبير يدر دخلاً إضافياً للمطبوعة، فـالكُتاب في هذه الأيام أصبحوا يُنافسون اللاعبين المحترفين، في المبالغ الهائلة - لبعضهم - والاحتكار والعروض المُقدمة من قبل مطبوعة وأُخرى.
أتفهم وأعي جيداً بأن الإبداع والموهبة لوحدهما لن يصنعانِ منك شيئاً، مهما كتبت ومهما فعلت، مالم تكن تعرف أحداً في هذه الصحيفة أو تلك، إلا في حالات نادرة جداً لاتذكر، وأعتقد أن هذه الظاهرة أتضحت جلياً بعد تويتر، فهناك أسماء شابة غاية في الجمال والإبداع ظهرت من خلال تويتر فقط، ولكنهم لم يستطيعوا الكتابة في الصحف لعدم وجود "واسطة" من الآخر، أو لأنها أسماء جديدة لايعرفها القارىء، وبالتالي لن تستفيد الصحيفة شيئاً، فهدفها - أي الصحيفة - بالطبع ليس تقديم الاسماء المميزة أو تقديم المعلومة الغائبة والمعرفة للقراء من خلال استقطابها وبحثها عن كُتاب مميزون، ولكن هدفها بالدرجة الأولى هو التسويق بأي شكل وأي لون، وهذا بالمناسبة ليس سراً ويعرفه المتابع البسيط للصحف!
صديقي الكاتب الشاب "المبدع"، شخصياً لم أصل للسن الذي يخولني بتقديم نصائح لك ولغيرك كما أنني لا أعرفك، وأنت حتماً لاتعرفني، فأنا لست قينان الغامدي ولا خلف الحربي، ولكن من خلال "خربشاتي" في بعض الصحف بـصفحات القراء لسنوات قليلة مضت، أعتقد أنني أستطيع تقديم الحد الأدنى لأبرز ما لاحظته وأبديت تذمري منه للأصدقاء المقربين مني، وهو قبل كل شيء أن لايكون هدفك وغاية مرادك هو الكتابة في الصحف لمجرد الكتابة، فالصحف هذا الأيام لايقرأها أحد، إلا من كان ينتظر دوره عند الحلاق، أو في صالة إنتظار إحدى الوزارات، غير ذلك تعد قراءة الصحف ضرباً من الجنون في زمن التواصل الإجتماعي، وأعني والله ما أقوله، لذلك بدلاً من إضاعة وقتك وإنشغالك بالكتابة، عن وزارة الإسكان أو عن الطرق المهترئة التي تسكلها كل يوم، أو عن غيرها من المشاكل التي تحيط بك، ولاتحظى هذه الكتابات بتقدير أحد بدءاً من الجريدة التي ترسل لها مقالاتك، وليس انتهاءاً بالمعني بالأمر، فـأنا أنصحك بأن لاتكون الكتابة لديهم هي أكبر همك، فهي مجرد استنزاف للوقت والجهد وتشتيت لإنتبهاك وتركيزك عن أُمور أساسية ومهمة في حياتك من أجل مقال عابر لايقرأه أحد، وإذا كنت تشعر بأن الكتابة هماً يؤرقك صباحاً ومساءاً وكان لابد وأن تكتب ولو على جدار مدرسة فأنا أرى بأن هذا هو زمانك والفرصة بين يديك، وذلك بالإتجاه لساحات مواقع التواصل الجديدة من تويتر وفيسبوك وغيرها، فهي مستقبلك وعالمك الخاص الذي تصنعه بنفسك وتكون من خلاله جماهيرك الخاصة بك، بعيداً عن غطرسة الصحف المحلية وتعاملهم بتعالي وقسوة مع الكتاب الشباب، وبدون أن تضطر حتى لأن تتوسل إلى أي احد مهما كان، فكم من تغريدة من 140 حرف أو أقل أنهت مشاكل، ووجدت صدى، بعكس مقال من 600 كلمة لم يحصد منه كاتبه سوى خيباته وإنشغاله بالبحوث والمراجع من أجل مقال لم يقرأه سوى القلة القليلة من النخب.
في الوسائل الجديدة بضغطة زر تقول ماتريد، وبأي وقت، وكيفما تريد أيضاً، بل وتجد الحفاوة والتقدير أكثر من لو كنت تكتب في الصحف التي يقوم على بعضها ممن هم في عمر أجدادك.
وعلى الرغم أنني أكتب هذا المقال في صحيفة إلكترونية محلية إلا أنني متفائل بنشره رغم كل ما جاء بأعلاه !





