الحذر والوقاية جعلا فيروس كورونا يقيد الحريات ويقطع التواصل بين شعوب العالم، وفعل ما لم تفعله الجيوش في الحروب وكأن البشر ينتظرون نهايتهم لا محالة.

من كان منا من أبناء جيلنا على الأقل يتوقع أن يشاهد الحرم المكي لو لساعات مغلق، ومن كان يتخيل أن يسمع بأن لا عمرة ولا حج، ومن منا تصور أن يسمع عن عزل مدن ودول بسبب فيروس أنفلونزا، وأن اقتصاد الدول على شفى هاوية، وأن الدول المتقدمة عجزت عن إكتشاف عقاقير تقضى على المرض ؟!

كنا وحتى قبل كورونا لما نسمع واحد من الأصدقاء أو الزملاء في العمل يقولون فيه إنفلونزا فنقول “إيه بسيطة، مع حرارة وإلا بدون؟” فيرد “بحرارة” فنقول “خذ حبه بندول ومرخ أصابع رجاليك فيكس واتغطى بالبطانية زين وانتبه لاتشغل المكيف تقوم الصبح مثل الحصان”، (طبعا هذا قبل كورونا الجديد).

لكن بعد كورونا الناس تغيرت والحال حتى الأصدقاء والزملاء تغيروا، شخصياً حدث لي موقف طريف ولم أعهده من قبل مع أصدقائي، تعودت أجلس معهم في الصباح ونتجاذب الحديث وأثناء دوري في الكلام، ما إن قلت والله البارح شعرت بحرارة وأخذت حبتين بندول وراحت مني، إلا وصديقي قام من جواري وجلس بعيداً، ولما سألته “وش فيك؟”، كان رده المهذب: “يا أخي كان قولوا لنا إذا فيكم حرارة ؟!” .

ربما نجح “كورونا الجديد” في إخافة الناس أكثر من الموت نفسة بالرغم من أن الموت لا إنذار ولا سن ولا يعلمه إلا الله عز وجل وحده، فقد جعل لكل أجل كتاب، ولكن معشر البشر نسو الحكمة الربانية من ظهور وانتشار فيروس كورونا الجديد بالحذر المبالغ فيه بدل مراجعة النفس والتفكير ومحاولة معرفة الأسباب ولو كلا بحسب قدرته العقلية التي أعطاه الله إياها، فهذا الوباء بدء من الدول التي لاتهتم بنظافة الجسد ولا تعترف بالوضوء والطهارة ولاتتجنب الأكل الذي حرمه الله، هذا من حيث المنشأ للمرض، أما من حيث الانتشار فمن السهولة أن تفسد التفاحة الفاسدة باقي كرتون التفاح، ومن هنا نبدأ في التفكير حتى يحدث الله بعد ذلك أمراً.