جميعنا يبحث عن مواطن السعادة في حياته، والسعادة تختلف باختلاف الميول والرغبات والعادات والتقاليد، وكلٌّ يراها بمنظوره ويسعى للوصول إليها بقدر استطاعته؛ فهي غاية للجميع.
ومن أهمية السعادة داخل بيئة العمل من خلال السطور التالية سيسري القلم والفكر الى توضيح أثر السعادة في بيئة العمل وكيف يمكن لنا أن نطبقها؛ لكي تكون غايتنا لخلق بيئة محفزة منطلقةً من سعادتنا.

السعادة الوظيفية:
السعادة الوظيفية هي الشعور بالقناعة والسرور والارتياح الذي يستمده الموظف من وظيفته، ومن فريق العمل و القيادات ، ومما توفره له هذه الوظيفة من مزايا مادية ومعنوية واستقرار نفسي.

بيئة العمل المحفزة وسعادة الموظف بعمله :
بيئة العمل هي كل الأحوال المحيطة بالموظف أثناء تواجده في مقر عمله، وتشمل كلاً من الأحوال المادية والمعنوية، والمكانية والزمانية، ودائماً ما يتأثر الموظف بالأحوال والظروف المصاحبة لبيئة العمل المحيطة به ، كما أن هذه الظروف لها الأثر المباشر على إنتاجية الموظف. فكلما كانت الظروف المحيطة في أفضل حالاتها ، كان التحفيز أعلى والإنتاجية أفضل، وكلما ساءت الظروف ازداد الخمول وقلت وساءت الإنتاجية. فتهيئة بيئة عمل محفزة يساعد الموظف على زيادة التركيز ورفع الهمة والعزيمة والولاء للمنظمة، مما يترتب على ذلك زيادة في رفع الكفاءة الإنتاجية والتطوير.

وفي وقتنا الحاضر نجد أن المنظمات بجميع أشكالها تحرص على التطوير والاهتمام بالموظفين وسعادتهم الوظيفية ، مما يساعد على تحسين إنتاجهم ، وبما يواكب برنامج جودة الحياة في رؤية 2030 ، ويخدم الأمن الاجتماعي ؛ حيث تسعى المملكة – جاهدة – إلى تحقيق جميع الأهداف المرجوة والتي طرحت في برنامج جودة الحياة ، وفي كافة برامج رؤية 2030 ؛ من أجل الحفاظ على ازدهارها ونموها ، ويندرج تحت ذلك السعادة داخل بيئة العمل.

ومما يدل على حرص سياسات الكثير من هذه المنظمات على إيجاد السعادة داخل بيئة العمل- أنها سعت إلى تأسيس إدارات تهتم بسعادة الموظف ، كما أنّ هناك جمعيات ومجالس ومبادرات أنشئت وتأسست بهدف بناء السعادة الوظيفية ، ومنها على سبيل المثال لا الحصر :

جمعية السعادة المهنية : وهي أول جمعية سعودية متخصصة في السعادة المهنية وتقدم الحلول والاستشارات في بيئات العمل المختلفة . و مجلس السعادة الاقتصادي : وهو أول مجلس اقتصادي في الغرف التجارية على مستوى المملكة العربية السعودية ، ويوجد بمحافظة الخرج .

الأثر الإيجابي للسعادة :
من المؤسف أن يُنظر إلى السعادة دومًا أنها عنصر غير أساسي، وليس من المهم أن يكون الموظف سعيدًا ليقوم بأداء مهامه، فيكون كل المطلوب منه هو التركيز في إنجاز العمل فقط ، غير مكترثين بقيمة السعادة وأثرها الإيجابي في زيادة فرص الإنتاج وكونها سبب رئيس في تركيز العامل وإتقانه لعمله .

إن هذا الاعتقاد الخاطئ والسائد لدى الكثير يدفع الموظف إلى التكاسل والتراخي في أداء مهامه، وبالتالي يحدث الفشل في تحقيق أهداف المنظمة سواء على المدى القريب أو البعيد.

ولعلّ السؤال الذي يطرح نفسه هو: كيف يمكن تطبيق السعادة في المنظمات للحصول على بيئة العمل المحفزة ؟
سأختصر الإجابة في خمس نقاط . هي :

أولاً : تعزيز العلاقة الاجتماعية في بيئة العمل :

إن سلامة العلاقات الاجتماعية يؤثر – بطريقة إيجابية – في سعادة الفرد، فالتواصل مع الآخرين والاندماج معهم ومشاركتهم مناسباتهم والوقوف سنداً لهم جزء فعال ومؤثر مباشر وذلك كوننا بشرًا نعيش في هذه المنظمة بطبعنا الاجتماعي.

ولذا تجد المنظمات الناجحة تهتم – كثيرًا – بتعزيز التواصل الاجتماعي بين فريق العمل وقيادته وبين أعضاء الفريق والإدارات الأخرى، من خلال خلق مناسبات خاصة للتجمع وللاستمتاع بعيدًا عن أجواء العمل ، هذه الأشياء التي نراها بسيطة تعزز روابط التواصل بين فريق العمل داخل المنظمة ، وتضفي على المكان أجواء المرح والصداقة والتقارب الفكري والولاء للمنظمة.

ثانياً : الاهتمام بالشغف :

هناك 168 ساعة في الأسبوع مقسمة كالتالي:  56 ساعة للنوم، و56 ساعة للعمل (بما في ذلك الوقت الذي يتم إهداره في المواصلات، وأيضًا وقت العمل الإضافي في المنزل ، وما إلى ذلك)، وأخيرًا 56 ساعة للشغف والأمور التي نهتم بها خارج إطار العمل.

تخيل ما الذي يمكن أن تجلبه لمنظمتك كل هذه الأشياء والمجالات المختلفة التي يهتم بها موظفوك؟

عزز عنصر الاهتمام بالأفكار الجديدة في منظمتك ، عزز ثقافة الاختلاف، واسمح للإبداع ، واستثمر فيه إن أمكن، وبنهاية الأمر الفائدة ستعود على للموظف والمنظمة.

ثالثًا : تعزيز قيمة التعلم والتطوير :

الاهتمام بجانب تعلم المهارات المتجددة وتطوير المهارات الحالية للموظفين ووضع مجموعة من الخطط والدراسات التي تعزز من قيمة التطور – عناصر رئيسة في بناء المنظمة ، ومن المهم والمؤثر على المنظمة ألا تجعل موظفًا في نفس الوظيفة لأكثر من عامين، والهدف هو إيجاد التطوير المستمر ، بأن يتطور مستوى ومهارة الموظف وبذلك سينتقل حتمًا لدور أعلى ، ليحل مكانه من هو أقل منه في السلم الوظيفي وتستمر عجلة التعلم والتطوير.

كما يجب الاستمرار في إعداد خطط لدورات تدريبية بشكل مستمر، وفي أزمان مختلفة، فهذه الدورات التدريبية لها دور فعال في تطوير مستوى الموظفين وقدراتهم .

رابعًا : إنشاء رابط تعزيز الانتماء للمنظمة :

إن تعزيز شعور انتماء الموظفين للمنظمة لا يحدث بدون معرفتهم التامة برؤية ورسالة المنظمة ، مما يجعل الموظفين فخورين بكونهم جزءًا منها.

وهناك اقتراحات عدة من خلالها تقوم المنظمة بإيصال الرؤية والرسالة إلى الموظفين وشعور الانتماء لها ؛ كأن نقوم بإنشاء مبادرة أو مشروع داخل المنظمة يظهر شعار الانتماء للمنظمة ، كطباعة هوية المنظمة على المستلزمات المكتبية وعلى المداخل وعلى كل ما تحتويه طاولة الاجتماعات ، واستخدام لغة خاصة بالمنظمة تشعرهم بأنهم عامل مهم لتحقيق والرؤية والرسالة و …. إلخ.

خامسًا : القضاء على أجواء الكراهية

لا يوجد شيء يهدد كفاءة بيئة العمل أكثر من شيوع الكراهية بين الموظفين، قد تشيع الكراهية بين الموظفين بسبب حصول أحدهم على ترقية وهناك موظف آخر يتوقع أن يحصل عليها هو، وأيضاً من أسباب الكراهية : شعور الموظفين بالظلم في وقت يتمتع فيه المدراء بمزايا هم لا يحصلون عليها، أو يعتبرونها لا تحقق العدالة.

فتبديد الكراهية في بيئة العمل من ضمن أهم أسباب نجاح المنظمة.

وفي الختام إذا تحققت هذه العناصر الخمسة في بيئة العمل، فسيكون نتاجها ومخرجاتها بيئة عمل محفزة لتحقيق رؤية ورسالة المنظمة وأهدافها السامية بصورة تعزز التنافس مع المنظمات الأخرى بإذن الله تبداء من القيادات وتنتهي بالموظف.