الزّواج رزق كأي رزق من الأرزاق، ولن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها، قال صلى الله عليه وسلم: (إنّ روح القدس نفث في روعي أنّ نفسًا لن تموت حتّى تستكمل أجلها، وتستوعب رزقها، فاتّقوا الله، وأجملوا في الطّلب، ولا يحملنّ أحدكم استبطاء الرّزق أن يطلبه بمعصية الله، فإنّه لا ينال ما عند الله إلّا بطاعته). صحيح الترغيب ؛ ويحسن بكل شابٍّ أو فتاة اتّخاذ الأسباب لتحصيل هذا الرّزق، ومنها كثرة الدّعاء والاستغفار، والصبر وتيقن الإجابة.

وأدعو أولياء أمور الشباب والبنات أن يتعاونوا على البر والتقوى، ومنها تسهيل أسباب الزواج، وتيسير طرق الحلال، والحث على الستر والعفاف، والابتعاد عن المحرمات والحذر منها، ومساعدة الشباب على الزواج والتعاون على الخير، وأن ينصح آباء وأمهات وأقارب الشباب والفتيات أبنائهم وبناتهم بالزواج ولو لم يكملوا الدراسة، فبالإمكان أن تتعاون الفتاة مع زوجها في إكمال الدراسة.

وأن تساهم الأسرة والأقارب في تذليل العقبات، وعلى إقناع الأب إن كان هو المعترض أو البنت أو الأم أو الجدة أو الأخت بما يراه صالحًا.

وإن كان المانع من الأم بسبب أن هذا الخطيب راتبه ومعاشه قليل تخشى على بنتها من الفقر والحاجة، فهذا من مكائد الشيطان، فإن الله هو الرزاق سبحانه وتعالى، وأن تبين المصالح والثمرات العظيمة التي تنتج عن الزواج والمضار العظيمة التي تنتج عن عدمه، يشرحها الولي، أو يشرحها الأخ، أو يشرحها طالب العلم المتصل بهم، أو يشرحها من له قدرة في الأسرة، يشرح لهم مصالحه العظيمة والمضار الكبيرة في عدم الزواج.

وأن يقللوا وينقصوا المهور ولا يبالغوا فيها وأن يختصروا الولائم وتكون قليلة وسهلة وميسرة ويبتعدوا عن التنافس فيها حتى لا يقعوا في الإسراف المذموم والمنهي عنه شرعاً وتكون النتيجة رمي الطعام واللحوم في القمامات، وأن يسعى المجتمع بعلماءه ومثقفيه ومفكريه وكتابه ووسائل إعلامه للحث على التسهيل في الزواج، وتكرار نشر هذا الأمر في وسائل الإعلام المختلفة بجميع أنواعها؛ لأن ما تكرر تقرر حتى ترسخ هذه القيم الجميلة بين الناس وعلى المؤسسات الاجتماعية نشر ثقافة إقامة الزواجات الجماعية حتى تسهم في تقليل التكاليف المادية، وعلى الأسر البعد عن التقليد الأعمى للآخرين في الأعراس، فإن هذا يضر كثيرًا، وفيه إرهاق للزوج وتحميله الديون الكثيرة، وتكليفه بما لا يطاق، وهذا الأمر يكدر الحياة الزوجية ويتعسها، ويسبب العداوة والكره بين الأزواج، ويحول الحياة الزوجية إلى جحيم لا يطاق مما يؤدي في نهاية المطاف إلى كثرة حالات الطلاق، وقد أصدر العلماء فتاوى كثيرة في الحث على تقليل المهور وتسهيل الولائم، قال عليه الصلاة والسلام للرجل الذي لم يجد شيئاً: (ألتمس ولو خاتماً من حديد)، وزوج رجلاً بما معه من القرآن فعلم زوجته سورة الفاتحة وكان هذا مهرها، وقال صلى الله عليه وسلم: (أقله مؤونة أكثره بركة)، وأن يحرص الشباب والبنات على المبادرة والإسراع في الزواج وألا ينتظروا إكمال الدراسات العليا، وأن لا يتعللوا بقلة المال، ومن نعمة الله جل وعلا أن من استدان في المصالح العامة أو في المصلحة الدينية ولو بأخذ القرض أن الله يسهل أمره ويعينه ويقضي عنه، قال النبي ﷺ: (من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه)، والله تعالى يقول: (وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ). [النور:32].

قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: “عجبت لمن يطلب الغنى كيف يغفل عن الزواج” ، فالزواج باب للغنى وكثرة الرزق فمن تزوج أعانه الله، ويسر أمره، وفتح له أبوابًا كثيرة يعينه الله بها على نفقة الزوجة وعلى أجرة البيت وعلى ما يتبع ذلك، وأن لا يتعلل الشباب والفتيات بعدم وجود المال وإنما يحرصوا على الزواج لأن الله جل وعلا سيعينهم ويقضي عنهم، قال صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة حق على الله عونهم وذكر منهم والناكح يريد العفاف)، فمن تزوج والله يعلم من قصده الرغبة في العفاف والبعد عن الحرام فالله سبحانه يسهل أمره، ويعينه ويفتح له أبوابًا كثيرة لا تخطر على باله في قضاء دينه، وتسهيل أموره.