اغتنموا الفرصة فأبواب الجنة ما زالت مفتوحة وأبواب النار مغلقة والشياطين ومردة الجن مصفدة وليلة القدر لها أعظم الشرف وعظيم القدر فالقرآن الكريم أنزله الله عز وجل فيها ، والملائكة الكرام تتنزل فيها ، وجعلها الله هدية وجائزة لعباده المؤمنين وفيها من الأجور والثواب والسعادة والتوفيق والبركة والتيسير والتسهيل ما لا يعد ولا يحصى قال تعالى: (ليلة القدر خير من ألف شهر) القدر:3، وسميت بهذا الاسم لأن الله تعالى يقدّر فيها الأرزاق والآجال قال تعالى: (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ). الدخان:4 ، وهو التقدير السنوي، والتقدير الخاص، أما التقدير العام فهو متقدم على خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة كما صحت بذلك الأحاديث ، وقيامها يغفر الذنوب ‏قال ﷺ: ‏(من صام ⁧‫رمضان ‬⁩إيمانا واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ⁧‫ليلة القدر‬⁩ إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه). رواه البخاري 2014 ، ‏وقال عليه الصلاة والسلام: (تحروا ⁧‫ ليلة القدر‬⁩ في ⁧‫الوتر‬⁩ من ⁧‫العشر الأواخر‬⁩ من ⁧‫رمضان)‬⁩. رواه البخاري 2017

قـال العلامة ابـن بـاز رحمـه اللـه:
“ومن اجتهد في العشر كلها؛ في الصلاة والقرآن والدعاء وغير ذلك من وجوه الخير أدرك ليلة القدر بلا شك وفاز بما وعد الله به من قامها إذا فعل ذلك إيمانًا واحتسابًا”. مجموع الفتاوى (398/6).

وقال صلى الله عليه وسلم: (إن هذا الشهر قد حضركم وفيه ليلة خير من ألف شهر من حُرمها فقد حُرم الخير كله ولا يُحرم خيرها إلا محروم). رواه ابن ماجة وحسنه الألباني.

وعن عائشة رضي الله عنها قالت:
‏(كان رسول الله ﷺ يجاور (يعتكف) في العشر الأواخر من رمضان ويقول: تحروا ⁧‫ليلة القدر‬⁩ في ⁧‫العشر الأواخر‬⁩ من ⁧‫رمضان)‬⁩. رواه البخاري 2017

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
( كان النبيُّ ﷺ يعتكفُ في كلِّ رمضانَ عشْرَةَ أيامٍ، فلما كان العامُ الذي قُبِضَ فيه اعتكفَ عشرين يومًا). رواه البخاري 2044

ونصيحتي لكم لا تنشغلوا بعلامات ليلة القدر ولا تتابعوا الرؤى والمنامات فلا يشترط لحصولها رؤية شئ ولا سماعه ونحن لسنا متعبدين لله بذلك وإنما متعبدين لله تعالى بقيامها إيماناً بما أعد الله لعباده من الثواب للقائمين في هذه الليلة العظيمة واحتساباً للأجر وطلباً للثواب من الله ، فحافظوا على الصيام والصلاة والقيام وقراءة القرآن والذكر وأكثروا من الاستغفار والدعاء وارفعوا أيديكم فكل هذه الليالي المباركة أوقات إجابة وتقربوا إلى الله عز وجل بالتوبة وبر الوالدين وصلة الأرحام والصدقة والتسامح والعفو عن الناس والاعتكاف لكي تدركوا ثواب ليلة القدر واقطعوا العلائق عن الخلائق واتصلوا بالخالق واستبقوا الخيرات واغتنموا الفرصة في كل هذه الليالي بالأعمال الصالحة، فإن الأعمال بالخواتيم.
فيا باغي الخير أقبل ، يا من قصر في تلاوة وختم القرآن الكريم ، يا من قصر في الذكر والتسبيح والاستغفار والصدقة والبر والإحسان ، يا من قصر في الأعمال الصالحة لا تنظر إلى ما مضى ، وأبدأ من الآن فلا زال الباب مفتوحاُ والفرصة متاحة ، فالشهر ذهب مُعظمة وبقي أعْظمة.

عن عائشة رضي الله عنها قالت: “قلت يا رسول الله، أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني”. رواه الترمذي.

قال الإمام ابن رجب رحمه الله: “‏إنما أُمر بسؤال العفو في ليلة القدر بعد الاجتهاد في الأعمال فيها وفي ليالي العشر ؛ لأن العارفين يجتهدون في الأعمال ثم لا يرون لأنفسهم عملاً صالحاً ولا حالاً ولا مقالات فيرجعون إلى سؤال العفو كحال المذنب المقصر ، قال يحيى بن معاذ رحمه الله: ليس بعارف من لم يكن غاية أمله من الله العفو”. [لطائف المعارف].