عن انس بن مالك رضي الله عنه يحكي خُلق النبي صل الله عليه وسلم ويقول: (كان صل الله عليه وسلم أحسن الناس خلقاً).

الكل منا يسعى للذكرى الحسنة والأثر الطيب بهذه الحياة الزائلة، فالأب يريد ان يكون له أبناً صالحاً والتاجر يريد الثراء لأبنائه والمدير يريد تحقيق الأهداف بين موظفيه، وأن يبقى ذلك ذكراً وأثراً إيجابياً بأقوالنا وأفعالنا مع الآخرين، بإحقاق الحقوق فيما بيننا في تعظيمها، والحرص على التراحم والملاطفة والتعاضد في غير إثمٍ ولا مكروهٍ.

سُئل حكيم: لماذا تحسن إلى من أساء إليك، وتصل من يقاطعك؟ فقال: لأني بالإحسان أجعل حياتهم أفضل، ويومي أجمل، ومبادئي أقوى، وروحي أنقى، ونفسي أصفى، وأترك أثرًا طيبًا لمن بعدي.

فأدوارنا بالتعامل فيما بيننا هي التي تُبقي لنا الذكرى الحسنة، وتحدد قيمنا، فأفعالنا وممارساتنا وأفكارنا وكلماتنا ونوايانا فهي الأثر الباقي.

أترك أثرًا طيّبًا فالعمر ينقضي والمواقف قد لا تتكرر.

أسعد من حولك وأرسم مسببات السعادة في حياتهم فالأثر يعود والذكرى تبقى.

أورثهم شيئا رائعًا، فإن كسب محبة الناس لك إرثًا ممتدًا عبر الأزمان.

أزرع شجرًا من أفعالك وأقوالك، ليجني غيرك ثمر ما قدمت.

قال الحسن البصري: ليس الإيمان بالتحلي ولا بالتمني ولكنه ما وقر في القلوب وصدقته الأعمال) وقال: فمن قال حسنا وعمل غير صالح رد الله عليه قوله، ومن قال حسنا وعمل صالحا رفعه العمل، ذلك بأن الله يقول: (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه).

اللذة في تعاملنا الصادق والحسن يجعل حياتنا ذات قيمة، فليست بكثرة المال، ولا شرف النسب، ولا علو المنصب، ولا بجمال الشكل يُكتسب الأثر، وإنما أن يكون الإنسان ذات أثر خالد فيمن حوله بحسن خلقه.

رسالتي إلى كل مدير أو مسؤول أو موظف:

أترك الأثر لمن حولك بتعاملك وأخلاقك وسلوكياتك وكلامك ونقدك ونصيحتك وإبتسامتك واهتمامك بشؤون من حولك.

أيها المسؤول وأنت داخل بيئة عملك، جميل أن تزرع الذكرى الحسنة وأن تترك أثراً من بعدك، وتذكر بأن الذكرى الحسنة والأثر الباقي ليست فقط بأن تبني مسجدا أو تكفل يتيماً أو أن تتصدق؟ صحيح إنها عبادات فضيلة، هناك أيضاً حسن الخلق وهي عبادة من أجل العبادات، قال ابن جب: (كثير من الناس يظن أن التقوى هي القيام بحق الله دون حقوق عبادة)، فلا تكتمل العبادة والعطاء الجم والأثر الحسن إلا بحسن الخلق.

الخلاصة: إلى كل مسؤول تحمل الأمانة بعمله، إعلم بأن الحياة كرسي وأن المهمة ستنتقل يوماً ماء إلى غيرك، فأعمل لتبقى لك ذكرى حسنة، وأثراً إيجابياً.

وأحسن للناس تستعبد قلوبهم.