تقوم العديد من دول الخليج العربي وسنويا بتقديم المساعدات المادية والعينية إلى العديد من الدول الشقيقة والصديقة (القوة الناعمة) .

ولكن للأسف ما زالت هذه المساعدات تفتقر إلى العمل المؤسساتي . وبالتالي نجد أن العائد من وراء هذه المساعدات يكاد أن يكون معدوما (صفر) .

في الدول الغربية وبالذات أمريكا لا يتم تقديم أي من المساعدات سواء ( المالية ، الإنسانية , العسكرية , التقنية . العلمية ..) , إلا بعد اعتمادها من قبل الجهات المختصة (وزارة المالية ، المجالس التشريعية ، الخارجية , الدفاع , التعليم , الأمن ..) .

من أجل تحديد الجهات المستفيدة من هذه المساعدات ومدى تحقيقها للأمن القومي للدول المانحة (العائد) , والتي غالبا ما يكون أكبر بكثير من قيمة المساعدات المقدمة .

لا شيء يتم تقديمة بدون مقابل فالدول ليست جمعيات خيرية , وبالتالي تقديم المساعدات عن طريق الفزعة أو الهبة ليس لها مكان في القاموس السياسي .

غالبا ما يكون الهدف النهائي من وراء المساعدات هو ايجاد موطىء قدم لهم في هذه البلاد من أجل الهيمنة والسيطرة عليها .

الدول الخليجية تقوم بتقديم المساعدات الإنسانية إلى الدول المحتاجة دون وجود أي ضوابط , والتي غالبا ما تذهب إلى جيوب المسؤولين في هذه الدول ومن ثم يتم تحويلها إلى بنوك سويسرا , ولا يصل منها إلى الشعوب المحتاجة حتى الفتات . بل وجدنا أن المساعدات العينية يتم بيعها هناك في الأسواق .

في الغالب نجد أن الدول التي تتلقى المساعدات الخارجية تفتقر إلى الشفافية . وتحتل دائما مراكز متقدمة في مؤشر الفساد على المستوى العالمي , بل تجدها تحتل المراكز الأخيرة في الترتيب (ذيل الأمم) في جميع المؤشرات العالمية الأخرى مثل التنمية والصحة والتعليم … على الرغم من أن هذه الدول تحصل سنويا على مساعدات خارجية ضخمة .

تعتبر الكويت من الدول الرائدة في تقديم المساعدات الانسانية , حيث أن هناك مؤسسات وجمعيات خيرية وحكومية تقوم بتقديم المساعدات الانسانية (المادية والعينية) إلى المحتاجين من الأرامل والأيتام والجمعيات الخيرية وفي بناء المساكن والمدارس والمستشفيات وحفر الآبار ..الخ ولا تقوم بتسليم هذه المساعدات إلى المسؤولين في هذه الدول اطلاقا .

وبالتالي نجد الكويت كدولة كسبت محبة هذه الشعوب لأن المساعدات تصلها مباشرة .

بقية الدول الخليجية تقوم بتقديم المساعدات إلى المسؤولين في هذه البلاد والتي غالبا لا تصل إلى المحتاجين إطلاقا .

وبالتالي نجد أن الدول الخليجية في اتباعها هذه السياسة خسرت الشعوب التي لم تصلها المساعدات , وأيضا الأنظمة الحاكمة في هذه الدول التي استولت على المساعدات .

بل وجدنا أن هذه الأنظمة غالبا ما تقف ضد الدول الخليجية في المحافل الدولية (الابتزاز) كما هو الحال مع لبنان .

هذه الدول تقوم بين الحين والآخر بالايعاز إلى الأجهزة الأمنية من أجل تنظيم المظاهرات التي تحتج فيها على الغلاء أو البطالة من أجل (التسول) , بل وتجدهم يهددون الدول المانحة بموجات من اللاجئين أو الارهاب في حال لم يتم الدفع .

اعتقد أن على الدول الخليجية أن تتبنى سياسة موحدة عند تقديم المساعدات الخارجية .

في البداية يجب أن تكون هذه المساعدات المقدمة مبنية على ضوابط تضمن وصولها إلى الشعوب مباشرة ودون أي وسيط .

وأن تنصب على البنية التحتية والخدمات والمرافق والمدارس والقطاع الزراعي المتهالك , وأن يتم ذلك من خلال المؤسسات الخليجية (المنافع المتبادلة) , وحتى لا يتم وضع اليد على المساعدات من قبل المسؤولين في هذه البلاد .

والنقطة الأهم من ذلك كله هو عدم تقديم أي دعم مادي إلى هذه الدول اطلاقا .

لأنها لن تصل إلى المواطنين نهائيا كما هو الحال مع القروض الدولية التي يتم تحويلها إلى البنوك الغربية حال وصولها .

وأن تكون العلافة مع الشعوب من خلال مؤسسات المجتمع المدني في هذه الدول .