بقلم / فوزي محمد الأحمدي

اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة “أنطونيو غوتيريش” الخميس الماضي , أن حوادث الطرق باتت (وباء صامت) يقتل (1,3) مليون شخص ويصيب (50) مليون سنوبا ؟! . تتعدد الأسباب ولكنها تختلف بين الدول المتقدمة عنها في الدول النامية (العالم الثالث) . (الخمور , المخدرات , السرعة . الجوال ..) ولكن النتيجة واحدة قتلى وجرحي ومعاقين . الخسائر المادية تقدر بمئات المليارات من الدولارات سنويا (العلاج , ساعات العمل المهدرة , التأمينات ..) . في الدول الغربية نجد أن الخمور (أم الخبائث) هي المتسبب الأول , ولكن البنية التحتية المتطورة تحول دون تفاقم المشكلة إلى حد ما , ناهيك عن الصرامة في تطبيق القانون , وكذلك تلعب هيئة المواصفات والمقاييس دورا كبيرا في التأكد من سلامة المركبات تقنيا وفنيا . في دول العالم الثالث الوضع (غير) . تأتي السرعة والاستهتار والتهور (عفاريت الأسفلت) في مقدمة الأسباب . ولكن نجد أن هناك أيضا العديد من الأسباب التي تؤدي إلى هذه الكوارث الإنسانية ولا يكاد أحد يتطرق إليها . عدم مطابقة الطرق للمواصفات والمقاييس العالمية له دور كبير في وقوع الكثير من الحوادث المرورية , ناهيك عن أن الطرق التي تسير عليها المركبات في العديد من المدن تعمل فوق طاقتها الاستيعابية بمراحل كثيرة خاصة وقت الذروة . ايضا النقص الكبير في اللوحات الإرشادية أو عدم وجودها أصلا له دوركبير في تفاقم المشكلة . في الوقت الذي تجد فيه هذه الدول لا تكاد تهتم بهذا الجانب اطلاقا . في المقابل تجدها تستورد أحدث الأجهزة التي تراقب فيها حركة سير المركبات على الطرقات , وتجنى المليارات من الدولارات من وراء ذلك (المخالفات المرورية) , وكله تحت بند الحرص على سلامة المواطن ؟! . الغريب في الأمر أن العائد من المخالفات المرورية لا يتم تخصيص أي جزء منه في شق الطرق أو صيانتها أو تطويرها . بل تجدها كما هي عليه منذ سنوات (متهالكة) وتستمر في حصد الآلاف من الضحايا سنويا ولا يبالون , بل على العكس من ذلك تجدهم ينتظرون من الدول الأخرى أن تمد يد العون لهم من أجل صيانة الطرق (التسول) وهذا ما يحصل في النهاية ثم تجدهم ينسبون ذلك كله إليهم ؟! . أيضا عمليات الاشغال والصيانة وما يترتب على ذلك من تحويلات قد تستمر سنوات وغالبا لا تتوفر فيها اجراءات الأمن والسلامة تجدها أيضا تساهم في حصد المزيد من الضحايا خاصة في ساعات الليل . في الدول المتقدمة يتم تحميل الجهة المنفذة المسؤولية في حال كانت الحوادث بسبب الحفر والمطبات أو عدم وجود لوحات إرشادية , حيث يتم إلزامها بدفع تكاليف جميع الأضرار المادية والبشرية . العديد من شركات صناعة السيارات في العالم تعلن بين الحين والآخر عن سحب الملايين من السيارات نتيجة وجود عيوب فنية أو تقنية تؤدي إلى وقوع الحوادث أو الحرائق أو حتى فقدان السيطرة على المركبات . لا أعرف أذا كان هناك وكيل في أي دولة في العالم الثالث قام بسحب هذه السيارات من العملاء حفاظا على سلامتهم ؟! . للأسف تقريبا لا يوجد أو من الندرة بمكان ولكن من حقنا أن نتساءل عن عدد الضحايا الذين سقطوا من جراء ذلك . بل نجد أن المركبات التي يتم انتاجها في الدول الغربية اكثر متانة وجودة وتحمل من تلك التي يتم تصديرها إلى الدول النامية سواء كان ذلك من ناحية الهيكل او حتى قطع الغيار ، وحتى العمر الافتراضي لها أطول بكثير . حتى شركات التأمين تجدها تتحايل على سائقي المركبات عند وقوع الحوادث , سواء كان ذلك عن طريق المماطلة بالدفع عند طلب التعويض, أو من خلال التهرب من دفع تكاليف الاصلاح كاملا , على أساس أن التأمين لا يشمل جميع أجزاء السيارات كما هو الحال مع التأمين الطبي , ويتم ذلك من خلال التلاعب في مضمون عقود التأمين (حمالة أوجه) ؟! . في العالم الثالث غالبا ما يتم تحميل (القضاء والقدر) المسؤولية من أجل تبرئة المسؤولين عن ذلك وغالبا ما تنطلي هذه الحيل على البسطاء (المسامح كريم) ؟! . الحوادث المرورية تعد بمثابة حرب أهلية غير معلنة وضحاياها دائما من أبناء جلدتنا ويتساقطون كل يوم بل وفي كل ساعة او اقل من ذلك بكثير وعلى مدار الساعة , وفيها نزيف للدول ماديا وبشريا خاصة وأن معظم الضحايا من فئة الشباب .