قي الثمانينيات من القرن الماضي لم تجد أوروبا مكانا كي تحفظ فيه النباتات التي تنمو في القارة الأوروبية خشية من الانقراض إلا في إسبانيا , نظرا لأنها كانت الدولة الأوروبية الأقل تلوثا في ذلك الحين . الأدخنة والمخلفات الناتجة عن السيارات والقطاع الصناعي وبالذات البتروكيماويات والإسمنت ومواد البناء والتغيرات المناخية والأمطار الحمضية ، وكذلك الاستخدام المفرط للمواد الكيماوية (الأسمدة , المبيدات الحشرية) أدى ذلك كله إلى تراجع كبير في خصوبة التربة في القارة الأوروبية .

طبعا أدى هذا بدوره إلى تحول الكثير من الأراضي الزراعية إلى ما يشبه الأرض (البور) , ولم تعد النباتات تنمو إلا بالأسمدة الكيماوية والحقن والمبيدات الحشرية . والتي بدورها قضت على المواد العضوية المتواجدة في التربة والتي تقدر بمليون مادة عضوية في الغرام الواحد من التربة . المواد العضوية ضرورية للنباتات حيث تتغذى عليها من خلال الجذور , بل وانتقل ضرر ذلك إلى الانسان من خلال النباتات (الثمار) والمياه الجوفية فانتشرت الأمراض المزمنة (السرطان , الضعف الجنسي ، الفشل الكلوي ..) . في الماضي كانت الأراضي تزرع دورة واحدة في العام وهذا بدوره كان يحافظ على المواد العضوية وتكاثرها , الآن الأرض تزرع لأكثر من دورة زراعية في العام وفي الغالب يتم زراعة نفس المحاصيل الزراعية وهذا بدوره ساهم في تراجع خصوبة التربة .

حيث أنه من المعروف أن زراعة أي محصول زراعي لأكثر من مرة وفي نفس المكان يؤدي إلى ضعف في الانتاجية . فلا بد من التنويع عند زراعة المحاصيل الزراعية (التغيير) . على سبيل المثال إذا تم زراعة القمح في عام فلا بد أن يتم في الدورة الثانية زراعة محصول آخر مثل الشعير أو الخضار . لأن كل محصول زراعي يتغذى على أنواع معينة ومختلفة من المواد العضوية , وفي التنوع تكون هناك فرصة للمواد العضوية الأخرى كي تتكاثر من جديد ولا يتم استنزافها . يقول الخبراء المختصين في التربة بأن الوضع إذا ما استمر على ما هو عليه الآن فإنه بعد ثمانية عقود لن تكون هناك أي أرض صالحة للزراعة ؟! .

في دول العالم الثالث يأتي زحف الصحراء والري بمياه المجاري ونقص المياه والحروب في مقدمة الأسباب التي أدت إلى بوار التربة . في أوروبا بدؤوا بنقل المصانع التي تؤدي إلى التلوث إلى دول العالم الثالث مثل مصانع البتروكيماويات والإسمنت ومواد البناء بل والمخلفات النووية .

إحدى الدول العربية دشنت حملة عالمية تحت عنوان (انقذوا التربة) , تم فيها استضافة العديد من المختصين في التربة . ومن ضمن هؤلاء كان المهرج والمثير للسخرية الهندي (سادجورو) , وهو مُلحد هندوسي مشهور بتشكيكه في وجود الله ، ودائم السخرية من الأديان ، ومتخصص في اللغة الإنحليزية وتعليم اليوغا ومتهم بقتل زوجته ويطوف العالم على دراجته النارية وليس له أي علاقة علمية بالتربة . وهو من أكبر أعداء الإسلام والمسلمين في الهند . لقد سبق له وأن صرح في عام 2019 إنه يريد عدداً أقل من الأرواح (البشر) على الأرض , قال يريد إنقاذ التربة قال ؟! . تدهور التربة مثل التغير المناخي هي مشكلة غربية بامتياز وهم من صنعها ويجب عليهم أن يتحملوا وزرها . العديد من الدول في العالم الثالث كانت التربة فيها ضحية للحروب التي شنتها القوى الغربية (المتحضرة) عليها , حيث استخدم فيها الغرب الأسلحة الكيماوية واليورانيوم المخضب , والذي بدوره أدى إلى تدمير التربة وانقراض العديد من النباتات والحيوانات وتلوث مياه الشرب وتشوه الأجنة وانتشار الأمراض المستعصية (فيتنام , العراق , يوغسلافيا , أفغانستان .. ) , والذي سوف يستمر تأثير البعض منها إلى ملايين السنين بل وامتد التأثير المدمر إلى دول الجوار .

في العالم الثالث الأراضي الصالحة للزراعة ما زالت بخير و 90% منها ما زالت أرض بكر لم تتم زراعتها . وتلوث التربة محدود ويمكن تلافي ذلك من خلال استخدام الأسمدة والمبيدات الحشرية الطبيعية , والتنوع في زراعة المحاصيل الزراعية وعدم استخدام مياه المجاري في الري إلا بعد معالجتها , وايقاف الزحف العمراني على الأراضي الزراعية الخصبة . والحد من التصحر وزحف الرمال من خلال استغلال مياه المجاري المعالجة في زراعة الغابات , وزراعة المحاصيل الزراعية التي يمكن لها أن تتحمل الظروف المناخية القاسية والملوحة ونقص المياه . يمكن الاستفادة من التجربة الصينية الرائدة في زراعة الصحراء (التشجير) .