الصيام هو عبادة يتقرب بها المسلمون لله وهو أحد أركان الإسلام الخمسة ويعني الإمساك عن المُفْطِرات على وجه مخصوص وشروط مخصصة من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس بنية خالصة، ويشمل جميع أنواع الصوم كفرض عين مثل صوم شهر رمضان، أو صوم واجب مثل صوم القضاء أو النذر أو الكفارة، أو صوم التطوع (المستحب) من أجل جبر الخلل الذي يحصل في الفريضة أو زيادة الأجر والثواب.

شروط وجوب الصوم :- أي يجب الصوم عند توفرها كي يقبلها الله من العبد وهي:

1- الإسلام:- حيث أن الصوم فُرِضَ على المسلمين ولا يصح الصوم من الكفار.

2- البلوغ:- وهو الوصول لحد التكليف بالأحكام الشرعية ولكنه ليس شرطاً من شروط صحة الصوم لِلصِبْيَة (الصغار).

3- العقل:- لا تكليف لمن فقد عقله ولا يجب الصوم على المجنون أو فاقد الوعي أو الصبي الذي لا يعقل.

4- الإقامة:-أي عدم السفر لأن المسافر لا يلزمه الصوم ويلزمه القضاء ولكنه خيار إن شاء صام وإن شاء أفطر.

5- القدرة على الصوم:- حيث لا يجب الصوم على المرضى أو كبار السن الذين يَضُرُّهُمْ الصيام ويُؤذِيهم.

6- الطهارة من الحيض والنفاس:- وهو شرط خاص بطهارة المرأة الحائض والنفساء لوجوب الصوم.

7- النية للصوم:- وهي عقد النية والعزم على الصيام من آذان الفجر للمغرب ولا يشترط التلفظ بها باللسان.

أما تقبل الصيام فهذا أمر يعود لله عز وجل فهو الذي يقبل الصوم أو لا يقبله، ولكن هناك علامات لقبول الصيام أو الحرمان من قبوله لذلك لابد للمسلم أن يكون صادقاً فيها مع نفسه ليعرف مؤشرات القبول من الحرمان لصومه وهي:

* استشعار مراقبة الله:- لتكون في جميع الأوقات والأحوال وتصل إلى مرتبة الإحسان (أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه، فإنه يراك) فالخشية من الله ومراقبة النفس على الدوام من علامات قبول الصيام بحول الله.

* فعل الطاعات والعمل الصالح:- من مؤشرات قبول الصيام بإذن الله هي توفيق الله للمسلم على فعل الطاعات والعمل الصالح والخيرات مع الثبات والاستمرار عليها والالتزام بها، لا أن تكون في أوقات معينة أو مواسم محددة كموسم رمضان وذلك مثل النوافل والقيام والصيام ومنه الست من شوال والإثنين والخميس والأيام البيض من كل شهر.

* التوبة الصادقة:- وهي الندم على ما فات من التفريط في حق الله ثم حق النفس والعودة لله رغبةً في العفو والمغفرة وطمعاً في رضا الله عز وجل وما عنده من الخير وكُره المعاصي والذنوب وعدم الانتكاس والعودة لها.

* التصالح مع كتاب الله:- بما أن رمضان شهر القرآن، فلا بد من التصالح مع القرآن طوال العام تلاوة وتدبراً وفهماً وعملاً والبعد عن هجران كتاب الله ناهيك عن باب الحسنات الذي يُفتح لكل مسلم فكل حرف من القرآن بعشر حسنات والله يضاعف لمن يشاء.

* حفظ اللسان:- وهي من أهم علامات قبول الصيام فحفظ اللسان من الفُحْش والغيبة والنميمة والبذاءة يبعد المسلم عن درجة الإفلاس التي وَضَّحَها لنا النبي عليه الصلاة والسلام في حديث سؤاله للصحابة عن أتدرون من المفلس؟“.

* قيام ليلة القدر:- هي ليلة من حُرِم خيرها وفضلها فقد حُرِم الخير كله، ومن حرص عليها ووَفَّقَه الله لِقيامها فقد رُزِق القبول فيها وهي خيرٌ من عبادة ألف شهر وغُفِرَ له ما تقدم من ذنبه كما قال المصطفى عليه الصلاة والسلام.

* ترك العادات السيئة:- الصيام ما هو إلا تدريب لكبح الجماح عن الحرام وترك العادات السيئة التي كانت تأسر المسلم طوال العام، وهي فرصة عظيمة للتحرر منها والاستمرار في تركها بعد رمضان وتحسين أخلاق المسلم وهو أثر إيجابي ومؤشر لقبول الصوم بإذن الله.

* اطمئنان القلوب بذكر الله:- من علامات قبول الصيام هو اطمئنان القلوب وحبها لذكر الله والأنس بذلك على الدوام وليس في رمضان فقط، كما قال الله تعالى {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (الرعد-28).

* إخلاص العمل لله:- فالعمل الصالح لابد أن يكون خالصا لوجه الله طوال العام ولا يكون لموسم رمضان أو رياء والعياذ بالله، لقوله تعالى {وَيُطۡعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ مِسۡكِينٗا وَيَتِيمٗا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطۡعِمُكُمۡ لِوَجۡهِ ٱللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمۡ جَزَآءٗ وَلَا شُكُورًا * إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوۡمًا عَبُوسٗا قَمۡطَرِيرٗا} (الإنسان 8-10).

* الخوف من عدم القبول:- فالإحساس بالخوف من عدم القبول هو من مؤشرات القبول بإذن الله، حيث قال معلي بن الفضل كان المسلمون يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبله منهم، ويقول الله تعالى {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} (المائدة-27).

وأختم بأن الصائمين هم فئتين، فئة بادروا بصيام رمضان وقيام لياليه إيماناً واحتساباً ولهم ما وعدهم الله من أجر وخير عظيم بإذن الله رغم وجود تساهل وتقصير في بقية العام، أما الفئة الأخرى فهم من صاموا الدهر كله عن محارم الله ومعاصيه ونواهيه بفضل الله وقوته وهي الفئة العليا التي اجتهدت في الطاعات وعمل الخيرات والاستقامة وجاهدت الأنفس وصانت الجوارح عن المحارم في رمضان وغيره من العام حتى لقيت الله تعالى، وهم خلاصة المؤمنين لذلك لابد من تحري أنواع الخير من الصوم والقراءة والذكر والعبادة بخشوع والصدقة وغيرها من أوجه الخير طلباً لمرضاة الله في رمضان وغيره من الشهور.