لم يدور في ذهني أن المخدرات تلك الآفة القزمة يُمكن أن يصل تأثيرها إلى تدمير اقتصاد شعب داخل دولة، إلا بعد أن قرأت الأحداث التي سبقت الحرب بين الصين وبريطانيا منتصف القرن الثامن عشر، والتي عُرفت لاحقا بـ “حرب الافيون”.

حيث بدأت أحداث الحرب تتوالى بعد أن طلب ملك بريطانيا من إمبراطور الصين -آنذاك- الموافقة على إدخال منتجات بريطانيا وبيعها في الاسواق الصينية، لكن الإمبراطور رفض الطلب بشكل قاطع، وذكر أن الصين تُنتج مايكفيها من السلع، ولا تحتاج لمنتجات بريطانيا.

في المقابل لم تكن بريطانيا قادرة على الاستغناء عن إنتاج الصين من الشاي والحرير، حيث تستوردها وتدفع مقابل قيمتها الفضة نقدا, فلجأت حكومة بريطانيا إلى زراعة مخدر الأفيون وتصديره إلى الصين، ليكون مقابل وارداتها من الصين.

نجحت الخطة البريطانية وانتشر الأفيون بين الصينيين ولاقى رواجا كبيرا، وبطبيعة الحال نتج عن ذلك آثارا سلبية على المجتمع الصيني، حيث 90% من الرجال تحت سن الأربعين أدمنوا الأفيون، وفي الإقتصاد أصبحت واردات الأفيون تُمثل 57% من واردات الصين، وبدأ نزوح الفضة من الصين لدفع قيمة استيراد مخدر الأفيون.

يوما بعد يوم تتطور أساليب الحروب بين الدول، حتى أصبحت المخدرات من الاسلحة الحربية بل وأكثرها فتكا وخطرا وذلك لانها سلاح صامت لايُسمع لها دوي ولا إنفجار ولا يحتاج العدو فيها إلى إعلان الحرب على الدولة المستهدفة.

فهو لايحتاج إلى أكثر من تصنيع مواد كيميائية وتهريبها إلى البلد المستهدف، لذلك لا تستغرب عندما تعلن الجمارك السعودية ضبط محاولات تهريب مواد مخدرة مُخبأة في البطيخ والطماطم والفلفل والفول، وفي الآلات والارضيات، وحتى في الأحشاء.

تتعدد الأساليب، والهدف تهريب المخدرات إلى السعودية.

إن من يرى بعين البصيرة يعلم يقينا وبلا أدنى شك أن المملكة العربية السعودية هي محط أنظار عصابات المخدرات، ومستهدفة من حكومات واستخبارات دول مجاورة وغير مجاورة، تتعمد بمحاولات حثيثة وجهد متواصل إلى تهريب المخدرات لزعزعة أمن الوطن ونسيجه الإجتماعي وتدمير شبابه من الجنسين، وكل ذلك هو بدافع عرقلة مسيرة التنمية والازدهار المتمثلة في رؤية بلادنا الطموحة.

في الحقيقة ليس لدي إحصائية محلية توضح حجم الخسائر التي تتكبدها بلادنا كل عام نتيجة تعاطي المخدرات وترويجها، لكن وبحسب تقارير حديثة فإن المملكة تنفق سنويا نحو 3.6 مليار على علاج الإدمان، بالإضافة إلى خسائر القوى العاملة التي يفقدها الإقتصاد الوطني.

في نهاية المقال، أؤكد لكم أنه ما دامت الحرب ضد المخدرات بقيادة سمو سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ويشرف عليها شخصيا، فتأكدوا يقينا من قدرته على القضاء على هذه الآفة، فقد ثبت لدي بالتجربة أنه قادر على تحقيق ما يقول.