“تكرار الحج” أصبح ظاهرة تزيد من حالات التزاحمم، ورغم أن فريضة الحج فرضت على كل مسلم لم استطاع إليه سبيلاً، وأن الحج مرة واحدة هو الأساس اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم والذي كان بإمكانه الحج أكثر من مرة إلا أنه أدى فريضة الحج مرة واحدة في حياته واعتمر أكثر من مرة؛ لكن في زماننا هذا تحول الحج بالنسبة لبعض المقتدرين إلى رحلة شبه سنوية يقومون بها، وهم لا يضعون في حسبانهم أنهم بتكرار الحج ربما يكونوا سبباً في حرمان مسلمين آخرين من أداء الفريضة، أو ربما يكونوا سبباً في أذى الآخرين بسبب كثرة الزحام الأمر الذي قد يؤدي إلى التدافع.
وفي فتوى للشيخ العلامة ابن باز ، يرحمه الله، يقول فيها :”لاشك أن تكرار الحج فيه فضل عظيم للرجال والنساء، ولكن بالنظر إلى الزحام الكثير في هذه السنين الأخيرة بسبب تيسير المواصلات، واتساع الدنيا على الناس، وتوفر الأمن، واختلاط الرجال بالنساء في الطواف وأماكن العبادة، وعدم تحرز الكثير منهن عن أسباب الفتنة، نرى أن عدم تكرارهن الحج أفضل لهن وأسلم لدينهن وأبعد عن المضرة على المجتمع الذي قد يفتن ببعضهن، وهكذا الرجال إذا أمكن ترك الاستكثار من الحج لقصد التوسعة على الحجاج وتخفيف الزحام عنهم، فنرجو أن يكون أجره في الترك أعظم من أجره في الحج إذا كان تركه له بسبب هذا القصد الطيب، ولاسيما إذا كان حجه يترتب عليه حج أتباع له قد يحصل بحجهم ضرر كثير على بعض الحجاج ؛ لجهلهم أو عدم رفقهم وقت الطواف والرمي وغيرهما من العبادات التي يكون فيها ازدحام، والشريعة الإسلامية الكاملة مبنية على أصلين عظيمين:
أحدهما: العناية بتحصيل المصالح الإسلامية وتكميلها ورعايتها حسب الإمكان.
والثاني: العناية بدرء المفاسد كلها أو تقليلها، وأعمال المصلحين والدعاة إلى الحق وعلى رأسهم الرسل عليهم الصلاة والسلام تدور بين هذين الأصلين وعلى حسب علم العبد بشريعة الله سبحانه وأسرارها ومقاصدها وتحريه لما يرضي الله ويقرب لديه، واجتهاده في ذلك يكون توفيق الله له سبحانه وتسديده إياه في أقواله وأعماله. واسأل الله عز وجل أن يوفقنا وإياكم وسائر المسلمين لكل ما فيه رضاه وصلاح أمر الدين والدنيا إنه سميع قريب.
ومن جهته، يقول الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف المصري إن إطعام الجائع وكساء العاري وعلاج المريض وإيواء المشرد أولى من تكرار الحج، وأن توجيه الزكاة الوجهة الصحيحة وإعطائها لمستحقيها، ووضعها في مكانها الصحيح خير وسيلة لمحاربة الفقر والتسول، محذرا من دفع أموال الزكاة لأي جهة بدون إيصالات رسمية معتمدة.