حذّر إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف الشيخ د. عبدالباري الثبيتي في خطبة الجمعة من الصناعة المزيفة للرموز وتصدر التافهين للمشهد الاجتماعي عبر وسائل التواصل وتسويق أعمالهم حتى أفسدوا الذوق العام وهدموا الأخلاق وصرفوا الناس عن النجاح الحقيقي.

وقال : الاهتمام بالتوافه ومتابعة التافهين تجعلنا نصنع منهم رموزا يتصدرون المشهد وهم أقزام ، وندفعهم للشهرة بتسويقنا لأعمالهم المشينة ومشاهدهم الوضيعة ونفسح لهم المجال لإفساد الذوق العام وهدم الأخلاق وصرف الناس عن الارتقاء في ميادين النجاح والتنمية ، والأدهى أن يغتر أولئك التافهون بشهرتهم فيتقحمون مسائل لا يفقهونها وعلوما لا يملكون بديهياتها فمتصدر يفتي في أحكام الشرع والدين عن جهل وهوى ، ومتصدرة تقلل من شأن الحجاب وتسخر منه وثالث يستهزئ بتعاليم الإسلام وأحكامه ورابع ينهش عرض ولاة الأمر وخامس ينتقص العلماء والدعاة وطلبة العلم وقديما قالوا : إذا خرج الماء من الإناء ملؤه الهواء.

وأضاف : هذب الإسلام سلوك المسلم عن الخوض في سفاسف الترهات وأوحال التفاهات إلى نيل الغايات النبيلة وبلوغ الاهتمامات الرفيعة وربطه بالعبودية لله سبحانه التي عي أعظم مقام وأجل مقصد والتي هي منار الطريق ومحور الأعمال ومنطلق الاهتمامات ، تصرف الترهات والتفاهات الإنسان عن معالي الأمور وتقتل فيه روح المسؤولية وتضعف روح العمل فلا يرتجى منه نفع ولا يؤمن ضرره ، تهبط النفوس الشاردة عن مثلها وأهدافها العالية فتجعل وقتها كله لهوا وجل أيامها فوضى كما تضيع الواجبات وتغدو الحياة عاطلة رخيصة ، تذبل الهمم حين تغمس في اهتمامات تافهة تتخذ مناحي شتى منها : توثيق التفاهات وجلب البذءات في مقاطع مهينة والسعي لبث عبر وسائل التواصل الاجتماعي طلبا لشهرة زائفة وتصوير أحداث لا قيمة لها بل تضر ولا تنفع وتفسد ولا تصلح وتشوه سيرة فاعلها وتكشف سوءاته ، حين يظهر في لباس قبيح أو كلام بذيء أو سلوك مشين أو في وضع يحتقره العقلاء ويشمئز منه أصحاب المروءات وفي ذلك إساءة لدينه ووطنه وأمته.

وتابع إمام المسجد النبوي : التمادي في هذه التفاهات صدع في الأخلاق ، ونقص في العقل وتعبر عن جهل في مفهوم الحياة ، وسطحية في التفكير وتخلف عن ركب العلم والمعرفة كما أنها تقتل الإرادة وتضعف التنمية وتجر إلى مفاسد اجتماعية وأسرية ومن هبط بفكره إلى الاهتمامات التافهة عظم الهوى واستهان بحرمات الله وندنس قلبه وانتكست فطرته ولا يخفى على عاقل أن سبب ذل الأمة وهوانها على الله وعلى خلقه هو انتهاك حرمان الله قال تعالى : ” ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه “.

وأضاف : الاستسلام إلى الترهات والتفاهات يفضي إلى عدم مبالاة المرء بالناس والمجاهرة التي تقتل الحياء هو ما حذر منه رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله : ” كل أمتي معافى إلا المجاهرين “.