حرب وموت، لا بأس، لكن لا يمكن القبول ببدلة عسكرية قذرة! هذا ما ترويه بعض الحكايات، عن أصل الأزرار المصفوفة التي لا تزال موجودة على أكمام السترات الرجالية حتى يومنا هذا.
خلال تواجد جنود نابليون بونابرت في روسيا، أصابهم برد الصحراء السيبيرية القاتل بالإنفلونزا وترشح الأنف، فكانوا يمسحون أنوفهم بأكمام معاطفهم، فيتراكم المخاط، مخلفاً مظهراً سيئاً ومقززاً، غضب نابليون واشمئز حين رآه.
وحين اقترح عليه أحد خياطي الجيش، تركيب عدد من الأزرار بشكل متجاور على أكمام السترة، لتسبب جرحاً في أنوف الجنود إذا حاولوا مسحها فيها، وافق نابليون على الفور، وظلت عادة تركيب الأزرار على جانبي الأكمام حتى يومنا.
تنسب روايات أخرى الواقعة نفسها لـ”هوراشيو نيلسون”، قائد القوات البحرية الملكية البريطانية، وقت الحروب النابليونية في القرن الثامن عشر، الذي كان حريصاً أيضاً، على مظهر البحارة والجنود.
وهناك رواية أخرى، تشير إلى أن ارتداء البدلات والسترات في وقت ما كان ملازماً للرجال في كل أحوالهم، في الاجتماعات الرسمية، أو عند تسلق الجبال، وكان خلع الرجل لسترته تحت أي ظرف يشبه الظهور بملابس داخلية أمام الناس!
لذلك، كان من الضروري في بعض الأحيان، فك الأكمام، وتشميرها أو ثنيها، عند القيام بأي عمل قد يسبب اتساخ أطرافها، ولذلك اخترعت أزرار الكم.
فالأزرار، تلك الأشياء الصغيرة، الجميلة، والملونة، والمتنوعة، التي تستخدمها لتثبيت ملابسك وإحكامها، أو لأغراض الزينة وتجميل الثياب، خلفها تاريخ من الأحداث المختلفة، وأغراض الاستخدام المتنوعة، وكذلك تطور في مراحل التصنيع والخامات المستخدمة.
قبل تثبيت الملابس
تحكي المخطوطات التاريخية، أن فكرة الأزرار كانت موجودة في الحضارات القديمة، قبل أن يستخدمها الإنسان لتثبيت ملابسه!
فقد اكتشفت الأزرار في حضارة بلاد السند، عام 2000 قبل الميلاد تقريباً، وكانت مصنوعة من الصدف، أو الأحجار، أو الفخار، أو العظام، أو الخشب وقرون الغزلان أو الأيل، وكذلك من المعادن، مثل البرونز، والذهب.
واحتوت بعضها على نقوش هندسية، وبعضها كان مثقوباً، ليدخل به الخيط ويثبت في الملابس، إلا أنه على ما يبدو، قد كان الغرض من هذه الأزرار الزينة، وإضفاء شكل ديكوري مختلف على الملابس، بغرض إظهار الثراء والتميز، وليس لأجل تثبيت الملابس وإحكام غلقها، فقد استخدمت الأربطة والخيوط لذلك في وقتها.
ظهرت كذلك الأزرار في العصر البرونزي في الصين، وفي روما القديمة للأغراض الخاصة بالزينة والزخارف نفسها.
ولم تظهر الأزرار بوظيفتها الحالية، وهي تثبيت أو إغلاق الملابس، إلا في القرن الثالث عشر، تحديداً في ألمانيا، فصنعت فتحات في الملابس لربطها في الأزرار، وصاحب ذلك ظهور ورش صناعة الملابس الجاهزة في أوروبا كلها، خلال القرنين الثالث عشر والرابع عشر ميلادياً.
إغواء وفتنة!
كانت الحاجة هي أم الاختراع.
في القرن الرابع عشر، لم يكن يعقل أن يقوم الناس بحياكة أكمامهم وفتحات الصدر كل صباح، ثم يفكوا تلك الخيوط في المساء!
كانت الأزرار حلاً عملياً ومناسباً لتنوع أشكال الثياب وموديلاتها، التي أصبحت محبوكة عند الوسط وحول الذراعين.
لكن رأت الكنيسة في ذلك الوقت أن الأزرار تفتح أبواب الجحيم، فسهولة الفتح والغلق، جعلت النساء يتفنن في إظهار أجزاء من صدورهن، ويخترعن فتحات جانبية في السترات، والفساتين، ليلوحن بفتنة جلودهن الناعمة وقتما شئن! ورأت الكنيسة، أن الأربطة والخيوط، كانت تغلق هذا الباب، وتقطع الطريق على الأهواء!
تهريب المخدرات!
مع تطور وانتشار صناعة الأزرار، صُنع بعضها من المعادن، على هيئة صندوق صغير يمكن فتحه، أو فصل أجزائه، ويبدو أن هذا الابتكار لم يكن بريئاً أبداً.
فخلال القرن السابع عشر تقريباً، استخدمه مهربو المخدرات لإخفاء المواد المخدرة الممنوعة، والمرور بها بعيداً عن أعين الشرطة وحرس الحدود.
وبالطريقة نفسها، استعانت القوات البريطانية، وقوات الولايات المتحدة بأزرار البدلات العسكرية للجنود، ووضعت بداخلها بوصلات مصغرة، لازمة لتحديد المواقع والاتجاهات، بالإضافة إلى استخدامها لتمييز الرتب المختلفة داخل الجيش.
حتى في الأزرار نخبة وعوام!
قبل أن تستخدم الأزرار استخدامها الحالي، وحين كانت مجرد زينة، كانت تميز ثياب الأثرياء، وكبار القوم، ولم يعرفها العامة.
وحين صارت تستخدم لتثبيت الملابس، وأصبحت متاحة للجميع، كانت الأزرار المصنوعة من الجواهر النفيسة، مثل الذهب، والفضة، واللؤلؤ، والألماس، والكريستال، للأثرياء والنبلاء فقط، وكانت توضع في أماكن مختلفة، مثل ياقات القمصان، والأكمام، وعلى القبعات.
بينما ارتدى العامة أزراراً من العظام، والخشب، والنحاس، والقصدير، والبرونز. وذهب الأمر لأبعد من ذلك؛ فوضع الأزرار النسائية حتى يومنا هذا، هو نتاج لهذه الطبقية!
فتوضع أزرار الملابس النسائية جهة اليسار عادة، لأن هذه الأزرار كانت حكراً في وقت ما، على سيدات الطبقة الراقية، وحتى يسهل على خادماتهن إلباسهن؛ وضعت الأزرار في هذه الجهة وظلت على حالها حتى يومنا.
بينما أزرار الرجال توجد على جهة اليمين، ويقال إن السبب كان أنهم يحملون السيوف في يدهم اليمنى، ولكي يسهل عليهم فتح أزرارهم وغلقها بيدهم اليسرى، وضعت الأزرار في الجهة المقابلة.
وفي أواخر القرن الثامن عشر، كان الاتجاه السائد قد أصبح رافضاً لاستخدام الأزرار النفيسة، المبالغ في مظهرها وتكلفتها، وطُورت أزرار أكثر عملية وأكثر تواضعاً، لكنها على الجانب الآخر كانت أكثر حرفية، وأعلى جودة فيما يخص وظيفتها الأساسية.
كانت إنكلترا هي الصانع الرئيس للأزرار في ذلك الوقت، وكانت الولايات المتحدة وباقي أوروبا تستورد احتياجاتها منها.
أما الآن، فإن 60% من إمدادات العالم من الأزرار يأتي من مدينة “كيوتو”، في اليابان، وتصنع من البلاستيك الصلب، والصدف، والمعادن في حالة “الچينز”.
أزرار جيوب “الجينز”.. المجد للعمال!
هل تلاحظ هذه الأزرار الصغيرة في جيب بنطالك الجينز، والتي تشبه الدبابيس أو المسامير؟
هذه الأزرار لم توضع بالأساس للزينة، أو لإزعاجك مثلما تظن، بل ترجع قصة وجودها إلى الوقت، الذي انتشر فيه ارتداء الجينز وسط العمال، الذين يقومون بأعمال مجهدة وصعبة.
كان العمال يشتكون من سهولة تمزق جيوب الجينز، بسبب حركاتهم الشاقة، والعنيفة طوال اليوم.
حينها، عرض “جاكوب ديفيس” مصمم الجينز الأميركي في عام 1873، على شركة “Levi Strauss” فكرة وضع أزرار نحاسية على أطراف الجيوب لمنع تمزقها، مهما كان الجهد والتحميل عليها، فاستمر وجود هذه الأزرار حتى الآن في كل أنواع الجينزات حتى التي ترتديها النساء والأطفال.
التعليقات
اثر الزرار ماهو بسيط ,,,,,,
,,,, والله وله حكايه من الفين عام قبل الميلاد , ومر في اوقات سعيده واوقات قاسيه في الحروب ’’’’
>> بس خربوها معه في الأخير في التهريب ,, ما لومهم يوم خلوه من البلاستك الشفاف <<
اترك تعليقاً