إن تصنيف الشخص حسب “ظاهره” هو السمة الغالبة عند الكثير من الناس وتغليب سوء الظن حسب ما يظهر من الشخص هو أيضاً الغالب عندهم مما يتسبب في جعل هذا التصنيف في أغلبه خاطئ تماماً بل ومجافي للصواب في معظم الاحيان، الأمر الذي يجعل المُصنَّف يعاني الأمرّين بسبب هذا التصنيف المجحف بحقه ولن ينفعه أي جهد يبذله لمحاولة درء هذا الانطباع المغلوط عنه ولا حتى أي سعي يقوم به لمحاولة الدفاع عن نفسه.
إن هنالك نوعية معينة من البشر غالباً ما يُساء الحكم عليهم فيتم التجني عليهم وهذه النوعية من الأشخاص هم الأشخاص الذين يتصرفون على سجيتهم ويتجنبون التكلف والتصنع حيث أثبت الواقع أن هؤلاء الأشخاص الذين يتصرفون بتلقائية بحتة أو كما يُعَرَّفون في مجتمعنا بالأشخاص الذين هم “على نيَّاتهم”، هم أكثر الأشخاص عرضةً لسوء الحكم عليهم في هذا الزمن مما يجعلهم يُعانون أكثر من غيرهم حيث تتنوع التصنيفات السلبية في شأنهم وكذلك يتنوع حجم أثر هذه التصنيفات السلبية عليهم من قاسي إلى مدمر تماماً سواءً لشخصياتهم أو حتى لسلوكهم الأمر الذي يتسبب في عجزهم التام عن تكوين علاقات إيجابية مع غالبية من يقابلونهم خاصةً ممن هم بعيدين عنهم “معرفةً وقربى” مع أن بعض من هم على معرفة بهم أو تربطهم بهم صلة قرابة يقولون عنهم أحياناً ما هو أسوأ بكثير مما قد يقوله البعيدين عنهم دون أن يقدم أصحاب هذه التصنيفات السيئة أي دواعي أو أسباب عقلانية تبرر وتشفع لهم إصدار هكذا تصنيفات وتبني هكذا أحكام، أحكام فيها منافاة تامة لكل ما تعارف عليه البشر من مفاهيم وقيم إنسانية وكل ما تحث عليه جميع الأديان السماوية والأرضية وعلى رأسها الدين الخاتم دين الرحمة والألفة والأخوّة دين “الإسلام”.
وأنا سأركز هنا على المسلمين بحكم أنهم هم من يفترض بهم أن يكونوا القدوة والمثال لغيرهم إلا أن تجاهل بعض معتنقي الإسلام لتعاليمه الدينية ومفاهيمه الإنسانية في هذا الزمن هو السائد والانتقاص من البشر هو الخُلق المحبذ عندهم خاصةً من بعض من ينتمون لمجتمعنا تحديداً لأن أغلب المجتمعات الأخرى يشهد الواقع بأنهم لا يعانون منها بالشكل الذي نعاني منه نحن إلا من شذَّ منهم وكما هو معروف فإن لكل قاعدة شواذ.
ختاماً أقول أن المؤلم في هذا الأمر أن لا أحد يعلم متى سنستطيع احتواء إصدار مثل هذه الأحكام والتصنيفات التي تعتمد في مجملها على الظاهر فقط والتي من المفترض أن نكون نحن كمسلمين وكبشر أول من يحاربها وليس أكثر من يتبناها وهنا أنا لا أقول أن علينا القضاء عليها تماماً لأن ذلك على ما يبدو شبه مستحيل إن لم يكن مستحيل فعلاً ولكن على الأقل احتوائها وتقليص أضرارها إلى أقل قدر ممكن كي يُمكِّننا هذا الاحتواء من تقبل بعضنا البعض وإحسان الظن في بعضنا البعض وحتى نصبح بالفعل قدوة ومثل أعلى يُحتذى به كما يأمر به ديننا وتحثنا عليه قيمنا.
التعليقات
اترك تعليقاً