قال العضو السابق لهيئة كبار العلماء الشيخ قيس آل الشيخ مبارك، إنه لا يشترط حصول الضرر الشديد لإباحة الفطر في رمضان، وإنما يكفي الخوف من نزول الضرر، وأن هذا الخوف كافٍ للإباحة.

ولفت الشيخ مبارك في معرض تناوله لمباحات الصوم في البلدان طويلة النهار إلى أنه يباح الفطر لمن يعاني من تعب قوي وخشي أن يصيبه ضرر شديد عند الصيام، مشيرا إلى أن التعب نوعان، أولهما تعب معتاد، وثانيهما تعب شديد يخاف أن يُفضي إلى أذى شديد أو هلاك.

وأوضح الشيخ مبارك أنه يجب على قاطني البلدان التي يطول نهارها أن ينووا الصيام، لأنهم شهدوا الصوم وهم أصحاء البدن، ولأن سبب الفطر، وهو الهلاك أو التعب الشديد، لم يقع بعد، فوجب عليه أن يشرعَ في الصيام، ثم إذا حصل له أثناء الصيام تعب شديد، فخاف حصول ضرر شديد أو هلاك، فعليه أن يقطع صيامه ويفطر، فالتعب الشديد قد يقع بسبب الصيام، وقد لا يقع، فلا يرخص الفطر لأمر موهوم.

وتابع الشيخ مبارك: «ينبغي ملاحظة أن الخوف المبيح للفطر ليس الخوف المتوهم، وإنما الخوف المستند إلى قول طبيب ثقة حاذق، ولا بأس من الأخذ بقول طبيب غير مسلم، إذا كان أعرف بالطب، ولا يشترط في إباحة الفطر الاستناد على قول الطبيب، بل يَكفي الاستناد إلى العرف والعادة، مثل أن يكون قد حصلت للصائم تجربة سابقة كادت أن توقعه في الهلاك، فيجب عليه حينئذ أن يفطر، ولا يجوز له إتمام صيامه، لأن حفظ النفس واجب، وفي صيامه تعرض للهلاك».

وأبان الشيخ مبارك أن التعب المعتاد مجمع من الفقهاء دون خلاف أن ما اعتِيدَ من المشاق، لا تبيح الفطر، لأن الله كلفنا بالصيام، بما فيه من مشقة وتعب على النفس غالبا، فهي مشقة لا تنفك عن الصوم عادة، ولذلك فالأصل في صحيح البدن أنه لا يجوز له أن يبيت الفطر من الليل، وليس له كذلك إن شرع في الصيام، أن يفطر بسبب هذا النوع من التعب.وهذا الأمر يجري على من يعيش في أي بلاد، بما فيها القريبة من القطبين الشمالي والجنوبي، التي يكون النهار فيها طويلا جدا، فمن يقيمون فيها، يجدون في الصيام مشقة أكبر مما يجد غيرهم، وعليهم أن يعلموا أن شرف فريضة الصيام أهم عليهم، وأن نصوص الشريعة صريحة في وجوب الصيام على من شهد الشهر، وهو صحيح البدن.

وأردف الشيخ مبارك أنه في هذا النوع ينبغي ملاحظة أنه ليس لصحيح البدن، أن يدخل نفسه فيما يتعبه من الأعمال التي تضطره للفطر، فلا ينبغي أن يجهد نفسه في وظيفته، بحيث يؤدي ذلك الإجهاد إلى الخوف من إلحاق الضرر به أو المرض والهلاك، فالواجب على القادر الصحيح أن يؤدي عمله على الوجه المعتاد، ما لم يكن مضطرا إلى ذلك، كما هو حال أصحاب المهن الشاقة.