أقسى أنواع الصراع هو الصراع مع الوقت؛ فالوقت ـ كما قيل ـ كالسيف إن لم تقطعه قطعك.
فجأة ودون سابق إنذار تؤلمك أسنانك بطريقة تجعلك تذهب حالاً إلى طبيب الأسنان، وتقول في نفسك لو كنت عالجت هذا السن لحظة اكتشافي التسوس لما وقعت في هذا المأزق.
غالباً ما نجد أنفسنا في مواقف وأحداث اجتماعية تجعلنا أسرى للوقت، ثم نخرج بعد ذلك ونلعن الظلام بدلاً من أن نوقد شمعة ـ كما يقول المثل الصيني ـ، ونردد دون وعي لا وقت لدينا، فنحن مشغولون، وفي حقيقة الأمر نحن منشغلون ومتشاغلون ليس إلا. ومع كثرة المهام والأعمال المتراكمة فإننا نقع تحت ضغوط نفسية وأزمات اقتصادية متنوعة، فربما تتضاعف علينا الغرامات ـ على سبيل المثال ـ نتيجة تأجيلها، وربما فاتنا موعد مهم لمقابلة شخصية تتعلق بعمله الجديد؛ فالأولويات قد ترتبك وتتراجع لصالح الأمر العاجل على حساب المهم، وهذا ما أشار إليه الرئيس الأمريكي الرابع والثلاثين ديفيد أيزنهاور حينما قال «قلما يكون الأمر المهم مستعجلاً، وقلما يكون الأمر المستعجل مهماً»، ومن هنا ظهر ما يُسمى بمصفوفة أيزنهاور أو مصفوفة إدارة الوقت أو إدارة الأولويات؛ ويمكنك تقسيم كافة أعمالك وأولوياتك في الحياة وفق هذه المصفوفة التي تم تقسيمها لأربعة مربعات حتى يسهل فهمها؛ فالمربع الأول(هام وعاجل) وهو للأشياء الطارئة والمستعجلة التي لا تقبل التأخير، مثل الأزمات بأنواعها، كالحرائق وحوادث السيارات والمرض الشديد وغير ذلك، والمهام ضمن هذا المربع المسمى بمربع الأزمات يجب ن تقوم بها بنفسك قبل أي أمر آخر فهي لا تحتمل التأجيل والتسويف.
والمربع الثاني (هام وغير عاجل) ويُسمى مربع المستقبل، وهو للأشياء المهمة في الحياة والتي يمكن جدولتها والتخطيط لتنفيذها مستقبلاً، مثل الفحوصات الطبية الدورية، ومثل إتقان مهارة معينة، والتسجيل في اختبارات وقتية أو موسمية وهكذا، والأعمال أو المهام في هذا المربع يمكنك القيام بها أو تفويض غيرك أحيانا، أما المربع الثالث (غير هام وعاجل) ويُسمى مربع الخداع لأنه عاجل ومُلِح، مثل الزيارات المفاجئة، والمكالمات الهاتفية، ودعوة عاجلة من أصدقاء الاستراحة وهكذا تجد نفسك أمام موقف عاجل ولكنه غير هام يمكن تأجيله أو تفويض أحد يقوم به نيابة عنك، ويأتي أخيراً المربع الرابع (غير هام وغير عاجل) وهو مربع الضياع، وهو بكل أسف يستغرق أوقات الكثيرين دون طائل، مثل قضاء معظم الوقت في الاستراحات، ومتابعة التلفزيون أو الاستغراق في ملاحقة وسائل التواصل الاجتماعي، وهذا المربع هو عدوك الحقيقي فيجب أن تقول له كفى.
وحتى تكون ناجحاً ومثمراً عليك التركيز على المربع الثاني حيث التخطيط وتطوير الذات، واقتَرِحُ عليك أن تضع المربعات أمامك وتكتب فيها مهامك وأعمالك التي تنتظرك بشكل يومي لترى في أي مربع ستضعها، وبالتالي تتجنب صراع الوقت والمفاجآت غير السارة. جَرِّبْ وستَرى الفَرْق.
التعليقات
اترك تعليقاً