من يقصد الأحساء وخاصة مدينة الهفوف وبالتحديد “حي الصالحية” كانت هناك روح بريئة تنهض بعد صلاة العصر ليتسابقون من يصل إليها أول ويحتل مكانه على جنباتها إنها عادة لم تتغير لدى أهاليها في تلك الحقبة الزمنية وتعتبر ثقافة آبائنا وأجدادنا.

ففي ذلك الموقع يتجمع أهل الحارة  لتحاك الأخبار  وتدار المعارك السلمية والسواليف البهية  وتتخرج أجيال من خلال توجيهاتهم وتمسكهم بهذا الموروث القديم العادة الجميلة فكان في كل ركن من ذلك الحي تجدهم كالكتيبة تتمركز في موقعها حتى غروب الشمس ليتفرقوا وينتشروا.

من لا يعرف  ” الدكه – بناء مستطيل من الطين أو الطابوق تبنى خارج البيت ملاصقة له متخصصه للجلوس وإستقبال ولقاء الزائرين وخاصة الجيران وتوضع عليها فرش ووسادات وتسمى أيضا  “عتبة الفريج”  فمن لم يتذوق حلاوة مجالسها وجمالها لم يشعر بقيمة الحياة المتواضعه والقلوب الطيبة.

فهي جلسة كبار السن المفضلة يتلاقى فيها الصغير والكبير لشرب القهوة والشاي وتناول التمر ومركز عمليات لمعرفة أحوالهم والسؤال عن صحتهم وتبادل الحديث الشيق فتعتبر “الدشه أو الدكة”  جلسة تقع خارج المنزل وملاصقة لجدرانه مبنية من الطين أو الطابوق كم أسلفنا.

فهناك مصطلحات لموقع “الدكه” منها ” العاير” كمسمى تتجمع فيه الجيران بصفة يومية ليسود التلاحم وتقوية العلاقات ؛ فكان حي الصالحية من أجمل الأحياء في الهفوف الذي يزخر بتلك اللقاءات العفوية والقلوب الأبية الطيبه ، فما هي إلا ذكريات رحلت و إندثرت في وقتنا هذا وأصبحت شبه ميته في عز النهار ولم تعد موجودة كما كانت متنفسا لأهاليها.