خلال الثلاثة أشهر الماضية منيت بهزائم جمة كان أعنفها من بعلتي التي أحـكمت على ”زنارة رقبتي” ولم اعد أستطع السفر لوحدي ..كنت فيما مضى أتلاعب بالخروج بمزاجيتي كوني على رأس العمل ” يارب اغفر لي” فتارة اوأكد لها سفري لإجتماعات مهمه خارج البلد.

أرجو ان يعفوا عني مديري السابق ايضا فقد كلت له الكثير من التذمر والدعاء عليه زورا وبهتانا أمام بعلتي بحجة انه يرهقني بالسفر للعمل … المسكين كان يعاتبني دوما على غيابي المتكرر!! .

اليوم تم تصفيتي من الوظيفة لبلوغي الستين رغم إحساسي الداخلي الذي يؤكد أن هناك من عبث في تاريخ مولدي. إذ لازلت أجزم انني “صغيرون” “وكل عدتي” تعمل ولله الحمد ..فلماذا “قاعدوني”.

عدت لمكتبتي التي إمتلئت بالغبار أبحث فيها عن خواطر قديمة كنت قد كتبتها وأهملتها حول “فن الزوغان من النسوان” تذكرت أنني خبأتها بين مؤلفات الجاحظ ليتسنى لي العودة اليها في مثل هذا اليوم الاقشر!! .

اليوم في الستين من عمري أشعر بالقهر من عملي ..وعدة قطاعات وزارية أخذتني لحما ورمت بي عظما إذ توقف كل شيء وأصبحت رقما يتناولونه مع كل قيد لي بدء من الراتب الذي جزوه ولحقوا بالتأمين الطبي فأوقفوه..عدا عن معايرة ام العيال لي وهذا اكبر صداع اعاني منه ففي كل “داخلة وخارجة” تسمعني ترانيم نسوانية منها .

“خليك قاعد لي زي الحيطة لاتهش..ولاتنش” .”وياما جاب الغراب لأمه” وايضا ..”جات الحزينة تفرح..مالقت لها مطرح” والاخيرة هذه كمشت فيها كل مقدراتي الجسمانية وكدت أذبل .. ورغم محاولاتي الجادة بالتودد تارة في غسل المواعين وآخرى في شطف الحوش إلا أن ذلك لم يشفع لي .. بيد أني وجدت من خواطري القديمة نقاطا مهمه بدأت استخدمها وأهديها لكل “متقاعد طازج” دون أي مسؤلية تلحقني و أنصحه بإستخدامها تدريجيا ..

أولا .. لاتتوقف عن صبغ اللحية والشنب ..

ثانيا .. إهتم باللبس الجميل الناصع ..

ثالثا .. لاتلتفت لكلمات بعض النسوة اللواتي يعايرنك في المولات ب”شُكر دادي” وثق إنهن يتقاتلن عليك لو سنحت لهن الفرصة!!.

رابعا .. إذا لديك غرفة في سطوح بيتك وغرفة مهجورة إعمل على تجديدها وأقض بعض!الوقت فيها للأطلاع والروقان مع الفضاء والأثير.

خامسا .. إياك أن تتسدح طوال اليوم في صالة البيت .

سادسا .. لاتبقى طوال الوقت “بالسروال والفلينة” لإنهما منظر شؤم ومدعاه للتفكك الأسري .. سابعا .. إن استطعت “جدد دمائك”صوب غروب الشمس “عاد تفهم والا بكيفك” ولاتهتم لكلام أحد فلن تعيش مرتين.

وحقيقة القول أود أن ازفر جام غضبي على مسؤلي التأمينات الاجتماعية في بلادي فهم لايشعرون بنا بعد التقاعد الا مع الراتب الذي يتفنون ايضا بإقتصاصه كلما خرج طفلا من “كرت العائلة” وعليهم ان يمدونا بإقتراحاتهم وافكارهم الجهنمية التي تساعدنا على بقاء “مقصوف الرقبة الرويتب” مثل التشجيع على الزواج والانجاب لزيادة العدد .

وإقناع وزارة الداخلية بتسهيل الامور في حال رفض “الإنتاج المحلي”سنحتنا الستينية بحجة “الضعف وعدم المقدرة ” الأخيرة أرجو ان لاتفسر بمآرب خبيثة فالمقصود هو شغل البيت وهو ماتحاول بعلتي الزامي به منذ أن تقاعدت .. راجيا ان تسن لنا التأمينات قوانين مفرحة مثلما سنت علينا قوانين بغيضه كدست فيها اموالنا التي اقتصوها منا في شبابنا واعطونا الفتات على الاقل إحتراما لخدماتنا السابقة .. فإن كنا السابقون.. فأباطرة التأمينات اللاحقون وإن عملوا على تأمين أنفسهم وكفى .