الانتقام هو الرغبة بإنزال العقوبة على شخص تعرضنا للإيذاء بسببه ، الرغبة بالإنتقام من اكثر الدوافع الانسانية غموضا وتتبعها جملة من المفاهيم الفلسفية وقد يكون الانتقام بدافع تنفيس الغضب ، او تحقيق العدالة، او بدافع الردع لعدم تكرار الاعتداء.

لماذا نشعر بالرغبة في الانتقام ؟

اولا: شعور الراحة واللذة التي يولدها الانتقام فقد وجدت الدراسات ان الخذلان و الظلم يحفز منطقة الالم في الدماغ لكن بعد وقوع الانتقام مباشرة تتحفز منطقة مسؤولة عن المكافأة في ادمغتنا فسرعان مايكتسي الالم باللذة.

ثانيا :وجود نزعة تتطورت عند الانسان منذ الازل للتهجم على الاخرين ردا على الاعتداء ، نجدها في شكلها الخام عند الاطفال ، حيث يبدي الطفل رد فعل انتقامي غريزي للدفاع عن جسده في حال تعرض للتهديد قبل تطور التفكير .

ثالثا: توظيف الكتاب وصناع السينما للإنتقام كمادة للتأثير وللأثارة وتظهر جلية في المسلسلات والافلام التي تبرمج العقول على ان الانتقام هو البطولة وطريقة استرداد الحق .

آثار الانتقام :

اولا: استنزاف الوقت والجهد والطاقة وتكريسها لإضرار الاخرين دون ان يكون له تأثير في ابطال ما وقع عليك من ضرر.

ثانيا: ما تشعره من راحة ولذة لحظة الانتقام سوف يتحول شعور بالذنب والتأنيب حتي لو لم تدرك ذلك بشكل واعي ، سيظل التأنيب ملف ينزف في اللاوعي يولد اضطرابات نفسية وجسدية.

ثالثا: تكرار الانتقام يتحول الى برمجة في العقل اللاوعي تؤثر على سلوك الشخص وتصبح نهجه في التعامل مع الاساءة.

رابعا: غالبا ما يتحول الفعل الانتقامي الى دورة انتقامية قد تنتقل من جيل الى اخر ونرى ذلك في الحروب الاهلية.

معظمنا الان يعرف اثار الانتقام السلبية ونعرف مزايا السماح والغفران ( راجع مقال الغفران) لكن لماذا لانستطيع تطبيق السماح في حياتنا ؟؟؟؟

لأننا ندرك ذلك على مستوى جسدنا الفكري لكننا لا نملك الادوات التي تمكنا من تطبيقه على مستوى الجسد المشاعري بينما الرغبة في الانتقام اساسا تؤججها العاطفة وتغذيها المشاعر لأطفاء نار الغضب في الداخل ، لتتخلص من رغبة الانتقام عاطفيا اهم خطوة هي نسف مفهوم الايذاء المرتبط بدور الضحية وبدلا عنه حاول فهم الرسالة من الموقف ،كيف خدم ذلك الموقف تطورك، الرغبة في الانتقام حقيقتها هي طلب للراحة ولعودة السلام .

اسمح لي ان اعلمك خطوات بسيطة تساعدك في قيادة مشاعرك للوصول لحالة السماح :

الخطوة الاولى: اجلس جلسة هادئة وتنفس بعمق ، استخدم الكتابة لاخراج كل مشاعر الغضب بداخلك استشعر كراهيتك لذلك الشخص اكتب بدون تحفظات.

الخطوة الثانية: بعد ان تهدأ ضع نفسك في مكان الشخص المؤذي حاول ان تفهم دوافعه ونقاط عدم الامان التي حفزها ذلك الموقف عنده استجلي الحقائق ، هل انت فعلا ضحية ؟

ام انك وقعت تحت الظلم بإرادتك وكان بامكانك تجنب ذلك من البداية.

الخطوة الثالثة : اسأل نفسك ماهو الدرس الذي تعلمته من هذا الموقف ، عندما تجد الدرس، هنا ستلاحظ تحول في مشاعرك من كراهية وسخط الى حياد ستشعر بالسلام يعم بيئتك الداخلية وسوف تسبح مع التيار التطوري الذي هو الهدف من كل خبراتنا الحياتية ،وهكذا تكون اتبعت طريقة ذاتك العليا في التعاطي مع الالم ، تعلم الدروس ، وتزكية النفس وتحويل الالم الى حكمة .

السماح لايعني التنازل عن الحق لاننا جمعينا لدينا مسئولية مجتمعية في ردع الظلم واسترداد الحق لكن الحقوق تسترد بالقانون والطرق المشروعة وهذه المطالبات مكانها المحاكم وساحات القضاء .

اخيرا ،،،،،، لاتغذي الظلام على حساب نورك وامتلك قلبا سليما وروحا حرة كالطير تلحق عاليا ،،، ثق في العدالة الالهية واطلب الجبر من الله الجبار جابر المنكسرين اما لو طلبتها عند غيره فقد اخطأت الطريق !!.