الناس شهود الله في أرضه، والأدلة الماثلة على فضله، والخيرة من خلقه من يدوم ذكره، ويسرى شذا عطره، ومن الرجال جبال يقومون مقام الأوتاد، ويثبتون ثبوت الرواسي، يحفظون الحدود، ويسكنون المتارس، وينثرون قطرات عرقهم حبات من لؤلؤ، وشذورا من ذهب، وأشعة من ضياء رباني التدبر، وجداني التفكر، يعشقون التفرد، ويحلقون مع الغيم، ويرون ما لم يره الأقران، فيقنعون بالحجة، ويسودون بالمودة، وة ملجأ إذا ادلهم الخطب، وقطب الأمر حاجبه، واختلط الحابل بالنابل.

وشهدان جبل هو شيخ جبال الحد الجنوبي، يقف منتصبا كناصية فارع باذخ من الأشاوس، قمته (الجذوة) اسم على مسمى، فهو كقادح زند على ثغر حد، يستعرض في تحد، يرتفع عن سطح البحر ب(٢٥٠٠) متر تقريبا، لم تهتز يوما أضلاعه، ولم تتزعزع أطرافه، كان يفتر فرحا ك (فرحته)- اسم لإحدى جهاته- وهو يرمق بعين الرضا صقره( الشيخ/ يحيى بن محمد الزيداني المالكي) يرص الحجارة، ويستكن في مترسه يواجه عدوه، ويضغط زناد بندقيته صوب كل هدف عاد على حدود ( آل سعود)، فيتراقص جذلا وحبورا، ويتهلل نورا، ويضج تسبيحا وتكبيرا، فالعدوان مصدود، والعرض مصون، والأمن ممدود، والخير مدرار.

شهدان وقف شاهدا وشيخنا البطل الوقور يصول ويجول بين صفوف المعارك وأزيز الرصاص، ونقع البارود، رادما الخلاف بين قبيلة( آل يحيى السعودية) وقبائل ( أهل حنبة وآل ثابت، وبني خولي اليمنية) وبين(قبيلة آل سعيد السعودية) وقبيلة(بني عياش اليمنية)،فيجبر الكسر، ويسد الثلمة، ويحقن الدماء، باذلا المال والجاه، فلا يكاد شبر على امتداد شريط الحد إلا وسمع له حكمة أو شهد له وقفة، أو بصمة على حكيم رأي، على مدى(٦٣)سنة، هي عمر الجهبذ وحياة البطل شيخ شمل قبيلة(آل زيدان من بني مالك جازان)والذي وافته المنية في(١٤٤٤/٢/١٧) يرحمه الله ليغادر حياتنا، ويترك ذكراه نبراسا لأجيالنا، ووساما يزين صدورنا،ودرا يلمع في مفارق نواصينا.

يذكر فترتفع أكف الضراعة، وتلهج  ألسنة، ويرتفع دعاء له يرحمه الله رحمة الأبرار، ويحسن العزاء فيه للقيادة والشعب والأهل والآل القبيلة و” إنا لله وإنا إليه راجعون”.