منذ إطلاق رؤيتها الطموحة لعام 2030 خطت المملكة العربية السعودية خطوات كبيرة في مجال استكشاف الفضاء، وأطلقت عددًا من الأقمار الصناعية وتوقيع شراكات مع وكالات الفضاء العالمية، يأتي ذلك بعد إطلاق الهيئة السعودية للفضاء برنامج المملكة لرواد الفضاء، بهدف تأهيل كوادر سعودية لخوض رحلات فضائية طويلة وقصيرة المدى، والمشاركة في التجارب العلمية والأبحاث الدولية والمهام المستقبلية المتعلقة بالفضاء.

ومنذ رحلة صعود الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، أول رائد فضاء عربي ومسلم، إلى الفضاء عام 1986م ربما يكون التطور الأخير الأكثر إثارة واهتمام والمتمثل في اختيار رائدي الفضاء السعوديين (علي القرني – ريانة برناوي) في رحلة علمية إلى محطة الفضاء الدولية، ومن المتوقع أن يكون لهذه الخطوة تأثيراً كبيراً على المجال العلمي والبحثي في المملكة والعالم بطرق مختلفة.

ومن الآثار المتوقعة لرحلة الفضاء السعودية من وجهة نظري إلهام جيل الشباب لمتابعة وظائف في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، وسيكون بمثابة حافز قوي لهم للدراسة والتفوق في هذه المجالات، خصوصاً أن غالبية سكان المملكة هم من فئة الشباب ما بين 15- 35سنة حسب آخر الإحصاءات، فيما يزداد الإقبال على الوظائف المرتبطة بالعلوم والتكنولوجيا والهندسة عموماً.

كما ستوفر رحلة رائدي الفضاء فرصة للمملكة العربية السعودية لعرض ما حققته من تقدم تكنولوجي على المسرح العالمي، ويعد اختيار رواد الفضاء السعوديين شهادة على القدرات العلمية وتوفر الكادر البشري في المملكة وسيساعد في ترسيخ مكانتها كرائدة في مجال استكشاف الفضاء، وهذا بدوره سيجذب الاستثمارات والشراكات من مختلف البلدان، مما يؤدي إلى تطوير تقنيات وابتكارات جديدة.

ستساعد بعثة المملكة للفضاء في تعزيز التعاون وتبادل المعرفة بين المملكة العربية السعودية والدول الأخرى المشاركة في استكشاف الفضاء، وستتاح لرواد الفضاء السعوديين فرصة العمل جنبًا إلى جنب مع رواد فضاء من ثقافات وخلفيات مختلفة، والتعلم من تجاربهم ومشاركة معارفهم الخاصة، ولن يفيد هذا برنامج الفضاء فحسب؛ بل سيساهم أيضًا في تقدم العلوم والتكنولوجيا في المملكة والعالم.

ستعزز هذه المهمة تحديداً من ثقة السعوديين والعرب عموماً، حيث يعد اختيار رواد فضاء سعوديين لهذه المهمة إنجازاً كبيراً للمملكة والعالم العربي أجمع، الأمر الذي سيكون مصدر فخر وإلهام للجميع، وسيساعد ذلك على تعزيز الشعور بالهدف والهوية المشتركة بين المواطنين والقيادة الحكيمة والطموحة.

وأخيراً يعد اختيار رواد فضاء سعوديين لمهمة إلى محطة الفضاء الدولية تطوراً هاماً من المتوقع أن يكون له تأثير إيجابي عميق على المملكة في الساحة العالمية في مجالات العلوم والتكنولوجيا، وعلوم الفضاء، وإبراز القدرات التكنولوجية للمملكة العربية السعودية على الساحة العالمية، وتعزيز التعاون وتبادل المعرفة، والمزيد في الاستثمارات في المجال، فهو تطور يجب الاحتفال به ودعمه من قبل جميع السعوديين.