ما دام الناس يعتقدون أن المجتمع يعتمد على أن كل فرد عليه الاهتمام بنفسه على حساب الآخرين، فلن تُجدي كثيراً أي وسيلة من وسائل الإنذار.
ويبدو أنه ليس هناك شيء يمنح المرء الشعور بالاهتمام بالذات كما يفعل الاستهلاك، كل ما يحتاجه الفرد في لحظة الشعور بانعدام الأمن هو إجراء جرد لممتلكاته لكي يؤكد لنفسه أنه كائن مُجدٍ وجوهري.
أن تمتلك أو لا تمتلك هذا هو جوهر النزعة الاستهلاكية في الغرب، ومحرك الرأسمالية. إنه أساس غريب لأي حضارة، ولكنه أساس فعال. إن 90% من قوة العمل في أمريكا مثلاً، هي بشكل مباشر أو غير مباشر في الأعمال التجارية لإنتاج السلع الاستهلاكية والخدمات.
وتشكل المنتجات الاستهلاكية ما نحن عليه. إذ تسافر هذه المنتجات إلى بلاد لديها أقل أو لا شيء من هذه المنتجات، وتأتي معها الرغبة في الحصول على المزيد، حتى تجد هذه البلاد في يوم ما نفسها ، عن طريق الشراء والإنفاق تمتلك أو لا تمتلك.
إذاً فليس الأمر أنَّ دافع الامتلاك هو بدون مزايا، ولا لأن العمل به يصاحبه الندم، أو إعادة النظر من الناحية المعنوية، التي هي جزء من العملية الاستهلاكية.
نحن لا نعرف فقط كيف نمتلك أو لا نمتلك، بل نعرف أيضاً كيف يكون ذلك في الاتجاهين، فيما يتعلق بالآثار الأخلاقية للشهية المفرطة.
في عصر، خاصة عصر مثل عصرنا هذا، من الازدهار الاقتصادي، يقوم هؤلاء الذين يتبنون وجهة نظر لوم المستهلك، بتقديم الشعور بالذنب كمسكن للألم.
وحتى تعبيراتنا عن الندم لها تأثير ذو حدين.
نحن نتحدث عن الإفلاس الأخلاقي والفقر العاطفي عندما ننتقد ثقافة الإسراف في الإنفاق، كما لو أن مسائل الروح مثل السلع الأخرى، يتم فهمها بشكل أفضل باستخدام مصطلحات مالية.
في مقالها (الأفلام وبيع الرغبة) تشير مولي هاسكل إلى أن الناس في حالة دائمة وغالباً مأساوية من الحنين.
كما يكتب إدوارد لوتفاك في مقالته (الاستهلاك من أجل الحب) عن الرغبة التي تجعل أفقر الناس الذين ليست لديهم مدخرات ودخولهم صغيرة، يقترضون حتى الموت.
فالرغبة تدفع للاستهلاك وهناك طريقة واحدة للبدء في فهم هذا الدافع الواسع والممتع والمؤلم وأخيراً المدمر وهو أن نفهم ببساطة أن لدينا رغبة.
وتأتي كلمة الرغبة بشكل منتظم، حيث يرى مثلاً لوتفاك الاستهلاك نوعاً من الإدمان بديلاً عن رعاية الأسرة. وتناقش جوليت شور في مقالها (ما هو الخطأ في المجتمع الاستهلاكي؟) فجوة الطموح التي لها علاقة بعبء الإرادة.
ويقول بيل ماككيبان في مقاله (استهلاك الطبيعة) أنه بالنسبة لنا، كل الأشياء تدور حول الرغبات. وتسمّي ميلز النزعة الاستهلاكية بمجاعة الروح.
ويوضِّح أندريه شيفرين في بعض كتاباته عن استهلاك الأدب أن الكتب مثل البضائع الجافة على الأرفف. ويذكر أن اتخاذ قرار بشأن كتاب يتم الآن بشكل أساس وفقاً لأبسط المعايير.
وحيث إن وسائل الاعلام تقوم بتدعيم ذلك القدر الكبير من رغبات المستهلكين، فإن الصحافة نفسها ينبغي أن تدرك نتيجة ما آلت هي إليه: مخزن للتخزين.
تقول سوزان ليفين: نحن بحاجة إلى ميثاق حقوق لمستهلكي الأنباء الإخبارية.
للتواصل : [email protected]
التعليقات
اصبت دكتور
حتى مجتمعاتنا اصيبت بداء حب الاستهلاك، وتستهلك وما تدري لماذا تستهلك؟
اترك تعليقاً