Slaati
د. زيد بن محمد الرماني

السعي وراء الحقائق دأب كل عاقل !!

منذ 2 سنة03032

مشاركة

ليس شيء كالانتقاد مظهراً للعيوب كي تجتذب، ومبيناً للخطأ ليصلح ومميزاً للصواب من الخطأ ( فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض ).

فالانتقاد يمحص الحقائق، ويثير الأذهان، ويوسع نطاق العقول، ويبرز الحقيقة من خفايا الوجود بأبهى حللها وأجمل برودها. تتجلى للرائين كالغزالة عند الطلوع، فتعشو عند ذلك عيون المكابرين، فيرتد بصرهم خاسئاً وهو حسير.

وليس من أمة حطت عنها أعباء الكسل، ورمت بإهمالها إلى أقصى مكان، إلا كان الانتقاد هو الداعي الأكبر، والسبب الأقوى في تقدمها. ولذلك نرى أن مقدار ارتقائها إلى أوج السعادة في المعرفة والمدنية، بكثرة عدد المنتقدين فيها، واقتدارهم على معرفة مواضع النقد ليظهروها، وحذقهم بمحال العلة فيخرجوها. وما المنتقدون إلا كالأطباء، يرون العلل وأسبابها، فيعملون على تطهير البدن منها، ويصفون لها من العلاجات والأدوية ما يكون عاملاً على إخراجها، وإراحة الجسم من أذاها. هذا إذا كان الطبيب نطاسيا حاذقاً، يقيس الأشباه بالأشباه والنظائر بالنظائر؛ وليس فهمه قاصراً على درسه، وإلا فيكون ضرره أكبر، وخطبه أعظم.

إن السعي وراء الحقائق دأب كل عاقل يربأ بنفسه أن يرد موارد الأوهام والظنون، وشنشنة المرء الذي لا يهمه إلا التنقيب عما هو حقيقة راهنة لا تقبل الابهام. فمعرفة الحقيقة واستطلاع شؤونها غاية ما يتطلبه العقلاء، ومنتهى ما يسعى لأجله الأدباء.

وقد زعم قوم أن لا حقيقة في الوجود. وهذا قول صادر عمن لا رؤية له ولا تعقل، إن قصد به نفي الحقيقة. وقد يكون له وجه من الصحة، إن بذلك أن الحقيقة مستورة بأباطيل المبطلين، واستار المموهين، الذين يرون الحق أبلج، غير أنهم يعدلون عن الجهر به لأغراض لهم: كخوف من مستبد، أو خجل من الإقرار بالخطأ، وغير ذلك. فإن كان المدعي من هذا القسم فهو ممن يمكن اقناعهم وارجاعهم إلى الوجه الحق بالبراهين والأدلة التي لا تقبل الرد.

ومتى ثبت أن في الوجود حقيقة راهنة، فلابد من السعي وراءها، وذلك دأب من تحركت في جسمه عاطفة الأدب، وجرى في جثمانه دم النبل. غير أن معرفة هذه الحقيقة صعبة على من لم يجلب الدهر أشطره، ويعرف حلوه ومره، لأن تحصيل هذه المعرفة يتوقف على اذكاء نار الجد، وإيقاد جذوة الطلب والاجتهاد، والمباحثة والمذاكرة، والرد والاعتراض، والمناقشة والانتقاد.

فقد عرف فائدة ذلك العقلاء، فدرجوا عليه، وتحققوا فوائده، فاتخذوه أساساً لأعمالهم، ورائداً لهم في أمورهم. حول نظرك إلى تاريخ من تقدم من سلف العلماء فترى أن مجالسهم كانت تغص بالأدباء، وتموج بأمواج العلماء، هذا يفيد، وذاك يعترض والآخر ينتقد. ووجهة الكل واحدة، وهي نصرة الحق، وإظهار الصحيح من قواعد العلم. اللهم إلا ما شذ عن ذلك، وهم قليل لا يعبأ بهم، ولا يُلتفت إليهم.

أ . د / زيد بن محمد الرماني ــــ المستشار الاقتصادي وعضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية للتواصل : [email protected]

التعليقات ()

مشاركة

أخر الأخبار

d209aa2b-ed5d-414c-a367-9efbd47c09ba.jpg
كالزادا: فخور بسالم الدوسري والهلال أكبر مما توقعت.. فيديو
الرياض
منذ 5 دقيقة
0
1354
d2619ff1-44c6-47f4-93dc-9746ed83e6ef.jpg
سامي الجابر: لست مع وجود 8 لاعبين أجانب.. فيديو
الرياض
منذ 14 دقيقة
0
1389
0a5501bd-f3c3-4256-83fc-aaa1dfb431cc.jpg
الرزيحان: رينارد يقود الأخضر بثبات ويمنح الشباب فرصة التألق في كأس العرب.. فيديو
الرياض
منذ 16 دقيقة
0
1397
cb06adef-4e9a-4cef-b56e-34fb4018b1e8.jpg
عبدالرحمن أباعود: الذهاب بالمنتخب إلى كأس العرب كان بهدف تحقيق اللقب.. فيديو
الرياض
منذ 22 دقيقة
0
1412
ce59dc95-ade3-420a-b6c4-2c2361e90079.jpg
الهلال يختتم معسكر العين بفوز على المحرق ويستعد لودية نيوم
الرياض
منذ 23 دقيقة
0
1421
إعلان
مساحة إعلانية
السعي وراء الحقائق دأب كل عاقل !! - صدى الالكترونية أخبار محلية سعودية وعربية ودولية إقتصادية وإجتماعية ومال واعمال ورياضة وشئون المرأة