لكل زمان.. دولة ورجال.. ولكل مقام مقال. هذه ليست فذلكة مني بقدر ماهي واقع على مر العصور.. لست هنا بالمنظر ولن اخرج عن صعلكتي التي مارستها خلال الثلاثين عاما المنصرمة ..

بيد ان الامر يحتاج إلى مقدمات خشية من الرقيب الذي قد يقصف ماتبقى لي من هرطقات اكتبها بين الفينة والاخرى..

والرقيب هنا قد يمحو تاريخي الاعلامي بجرة قلم وقد يتوسط لي للحصول على إحدى جوائز الاعلام التي تعطى يمنة ويسرى لكن عيناه حتما ستبقى جاحظتين حتى يفهم مغزى ماارمي اليه في كتاباتي البائسة غالبا..

في الآونة الأخيرة أعيش متقوقعا على نفسي لعلها احد علامات كبر السن “ماعاد لي خلق ياكافي الشر”.. وان كانت بعلتي تجاملني كثيرا في هذا الصدد ربما لأستمرارية “النتع” في الحياة فقد كنت أحمل حتى اسطوانة الغاز للدور الثالث وأكتم انفاسي كي أبدو أمامها “فحلا” “لابارك الله في الدجاج الذي خذلني طوال تلكم السنوات” ولعل كل هذا السرد احد اسباب خبالي وخروجي عن نص الحديث..

كان لي بعض الرفقة في الماضي كلما استأنست بهم أسمع همسات من حولهم تقول لاتمشي معه هذا “سرسري” وكنت اتسأل دوما عن معنى “السرسرية” الموصوم بها واكتشفت انها من أجمل وارقى الشخيصات فهي تعني باللغةالتركية مراقب الأوضاع.. أو مراقب الأسواق..

بمعنى أنه رجل آمين أوكلت إليه الحكومة مهام متابعة الوضع العام لراحة المواطن وهو منصب عين رقابية للحفاظ على القوانين وتطبيقها لكل مخالف.. بيد أني لم ارتقي لدرجة “السرسرة” رغم ان كل نساء الحي ينعتونني بها آنذاك .. مرت سنوات العمر وأكتشفت “سرسريتي” بمجمل الحياة.. في البيت والشارع والعمل والمهنة..

لإن السرسرية كانت تعني الانضباط حتى دخل صاحبها في خانة النصب والاحتيال والرشوة فأصبح مسماها سخرية بين المجتمع فهربت منها .. أنت سرسري أي انت محتال.. لم أكن يوما كذلك..

ولكن نسوة الحي المزعجات “اليوم أصبحن جدات” لم يطقن نقدي في ذلك الزمن فوصفوني بالسرسري.. اليوم في الحال العام وخاصة مايتعلق بالتعاملات اليومية نحتاج إلى “سرسري زمااان” بثوب جديد وليس السرسري الموصوم بالدشارة كي يقف بالمرصاد لكل الأخطاء.. ويحاسب عليها لإن الأنظمة بلا رقابة لاجدوى منها والتعليمات بدون متابعة تبقى حبرا على ورق..

نريد الحفاظ على ممتلكاتنا في المدن والمطارات والطرق العامة والقطارات وفي الحدود.. نحتاج إلى عين المسمى الأصلي وليس المنشق عن الحقيقة.. نريد سرسريا إلكترونيا بعين العدسات كي نأمن شر كل مؤذ لمقدراتنا الثمينة “الله يستر لانروح وطي” … وكفى..