في يومين جميلين حضرتهما في المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية بدعوة خاصة لتقديم ورقة عمل عن تجربة جمعية عناية الصحية (رحلة التعافي) في الملتقى العلمي العالمي الثاني بعنوان علاج الإدمان والتوجهات الحديثة للتأهيل، وذلك في ديسمبر من عام 2024،

عشنا في ذلك الملتقى مع أوراقه العلمية المعرفية المثرية والتقينا بقادة متخصصين في علاج الإدمان محلياً وعالمياً واطلعنا على التجارب الناجحة التي كان كل واحد منها يقول أنا الأفضل، ذلك الملتقى المبارك كان بقيادة القطاع غير الربحي من خلال جمعية تعافي والجمعية السعودية لعلاج الإدمان، وقد ناقش قضية وطنية صحية وهي مرض الإدمان وكيف يتم علاج المرضى بالطرق الحديثة،

إن مرض إدمان المخدرات لهو من الأمراض التي فتكت بالبشر وحدت من التنمية وطالت مداها إلى ما هو أبعد من تعاطيها، فالدول تعاني من تلك الآفة الخبيثة التي ينتفع منها تجار المخدرات فكسبهم حتى وإن كان على حساب هلاك البشر أو الدول فذلك لا يهمهم بقدر كيف ينمو ماله، تُعد المخدرات من أخطر الآفات الاجتماعية، حيث تؤدي إلى مجموعة من الأضرار الصحية والنفسية والاجتماعية.

فمن الناحية الصحية، تسبب المخدرات تدمير الخلايا العصبية وتؤدي إلى اضطرابات عقلية وجسدية قد تصل إلى الوفاة. بالإضافة إلى ذلك، تساهم في تفشي الأمراض المعدية نتيجة تعاطيها عن طريق الحقن. أما من الناحية النفسية، فإن للمدمنين عواقب وخيمة على حياتهم الشخصية والعائلية، حيث تتأثر علاقاتهم الاجتماعية ويعانون من العزلة وفقدان القدرة على العمل أو الدراسة.

اجتماعياً تزيد المخدرات من معدل الجريمة، وما يصاحب ذلك من انعدام الأمان في المجتمع وتدهور القيم والأخلاق. لذا كان من الضروري توعية المجتمع بمخاطر المخدرات والتسريع ببرامج العلاج والتأهيل الفعالة للتخفيف من هذه الظاهرة.

حضر ذلك الملتقى حشد غفير من الأطباء والأكاديميين والمختصين والمهتمين والأمنيين وكان تحت رعاية أمير المنطقة الشرقية صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبد العزيز آل سعود، كان هدف الملتقى منطلقا من الرؤية الوطنية 2030 في تعزيز حصانة المجتمع تجاه المخدرات،

بدأ ذلك الملتقى بالتحدث عن الأساسيات والكفاءات المهنية لتأهيل حالات الإدمان، ثم انتقلنا إلى البرامج التأهيلية وعوائق التنفيذ ثم طالعنا التجارب الدولية ثم انتقلنا إلى دور الجمعيات والجهات المانحة ثم انتقلنا لمطالعة العمل في السجون، وختمنا ذلك الملتقى المبارك بجهود وزارة الصحة والقطاع الخاص في برامج التأهيل، وخرج من ذلك الملتقى 12 توصية بإذن الله تكون خارطة طريق لعلاج المدمنين،

سوف أتحدث عن زاوية انطلقت منها أوراق العمل وهي جهود الجمعيات الخيرية في علاج المدمنين؛ إن الجمعيات دورها كبير في القضايا المجتمعية فهدفها التنمية وإحداث الأثر، إذ تأخذ المستفيد في رحلة حتى تتأكد من استدامة التعافي وتمكينه ودمجه في المجتمع حتى يصل مدى عملها إلى أسرة المستفيد،

إن هدف الجمعيات هو تحسين جودة الحياة والوقوف مع ذوي الاحتياجات من جميع الأطياف والأجناس، ومرضى إدمان المخدرات ليسوا بحاجة فقط للعلاج والتأهيل بل هم يحتاجون لمن يشعرهم بالأمل ويقضي حاجاتهم ويعيش معهم تلك الرحلة ويأخذ بأيديهم إلى بر النجاة ويوجد لهم البيئة التي تعزز التعافي وتغير نظرتهم للحياة من البؤس والشقاء إلى التفاؤل والسعادة والنقاء،

وأختم بجزيل الشكر والامتنان للقائمين على ذلك الملتقى الذي سعدنا بما طرح فيه من مواد علمية وتوصيات، وبإذن الله نرى أثر ذلك واقعاً ملموسا، والشكر أجزله للقيادة الرشيدة على تمكينها لإقامة مثل هذه الملتقيات العالمية المؤثرة.