“لا تدقق” قاعدة نفسية جميلة ومريحة تحقق لك السعادة والراحة النفسية ، فإن أردت أن تسعد وترتاح لا تقف عند كل محطة ، ولا تجعل من كل موقف معركة ، ولا تدقق على من حولك ، فليس كل شيء قابل للفحص والتحليل ، وعامة تصرفات الناس عفوية وتلقائية، فلا تفتح ما أُقفل ، ولا تداهم النوايا ، ولا تحرص على معرفة كل التفاصيل ، ولا تفسر كل شيء ، ولا تدقق بكل شيء ، ولا تحلل كل شيء استمع ، ثم ابتسم ، ثم تجاهل ، خذ من الناس ما ظهر لك منهم من خير، لا تبحث عن عيب في الناس دع الخلق للخالق ودع الحياة تسير.
قال الشاعر:

الوقت هذا لا تدقق على الناس كانك تبي بالفعل راحة ضميرك

راحت حياتك بين همٍّ وهوجاس تشيل مع همك همومٍ لغيرك

الى متى ذا الحال يا طيّب الراس الله من صدوف الليالي يجيرك

لا تعش قَلِقاً على المستقبل ، عش ساعياً في رضى الله جل وعلا ولا تقلق ، فالمستقبل بيد الله عز وجل وحده ، فإنه قد تكفل لك بالرزق وطلب منك العمل.

قال تعالى: (وَما تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا).

رزقك لن يأخذه غيرك ، ولكن عبادتك لن يقوم بها غيرك ، فتأمل واعتبر واعمل ولا تهتم أو تغتم.

اجعل لك قلباً من الناس تتكئ عليه ويتكئ عليك ، تفقدوا بعضكم كل حين فليس شيء أبهج للنفس من شعور صاحبها أن مكانه في قلوب المحبين ما زال محجوزاً.

لا تنطقوا بين الناس إلا تفاؤلاً وأملاً، وإلا فأريحوا الناس من أحجار كلامكم ، صادقوا أولادكم ، واستنطقوهم ، فما امتلأت صدورهم كبتاً وضيقاً إلا لأن آباءهم انشغلوا باللقمة عن اللمة ، فشبعت الأبدان وجاعت القلوب ، ترقبوا المتعففين من الخلق.

تصدقوا واطعموا الفقراء والمساكين ولا تنكفئوا على أنفسكم تنالوا رحمة الله تعالى.

أعيدوا لجيران الحي ، وصحبة المسجد ، ورفقة الدراسة، واجتماع العائلة رونقهم ولو على كوب من الشاي ، عيشوا بساطة الحياة وابتعدوا عن التكلف.

لا تقطعوا أرحامكم بدعوى القلة والفقر وضيق ذات اليد ، فمنذ قل التواصل بالأخوة والأخوات والعمات والخالات وأبناء العم والخال ازددنا ضيقاً.

أكثر سبب وأكبر مصيبة تمنع الإنسان من صلة الأقارب والأرحام والأصدقاء هو سوء الأخلاق والكبر فلا يوجد تبرير لسوء الخلق إطلاقاً لا نفسية سيئة ولا مزاج متعكر ولا ضغط ولا سكر ولا غيره والمحترم الخلوق مهما مر بظروف صعبة يبقى محترماً خلوقاً حتى وإن أساء يوماً تراجع واعتذر .
إن الكرام وإن ضاقت معيشتهم دامت فضيلتهم والأصل غلاب.

إنما الإنسان أثر فأحسنوا مآثركم ، دع الأماكن تذكُرك بخير ولو نسوك البشر فكلنا راحلون ، في كل خطوة من خطواتك اجعلها ذكر لله تعالى تشهد لك يوم القيامة ، اترك أثرًا طيبًا يبقى من بعدك يكون لك إرثًا ممتدًا عبر الأزمان وعبر القلوب.

قال صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلم يغرس غرسًا أو يزرع زرعًا فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة).

إن زرعت الشجر ربحت الظل والثمر، وإن زرعت طيب الأثر حصدت محبة الله ثم البشر.