Slaati
عبدالرحمن بن عبدالعزيز العريفي

غِيلة الموظف لزميله في بيئة العمل

منذ 4 شهر02699

مشاركة

هناك وجه خفي للخيانة المهنية داخل بيئة العمل، ونجدها بكثرةً في هذا الزمن الذي أصبح العلم والمعرفة يمتلكها، تصلني بشكل يومي شكوى الكثير من الموظفين، حول سلوكيات وتصرفات سلبية من زملائهم تفتك بروح الفريق وتُقوَّضَ الثقة.

"غِيلة الموظف لزميله"، هي من أخطر هذه السلوكيات والتصرفات، وهي الغدر بالآخرين من حيث لا يشعرون.

الغِيلة في العمل ليست مجرد خطأ عابر، بل هي جريمة أخلاقية مهنية تُمارس أحياناً بابتسامة زائفة أو كلمات منمقة، والموظف الذي يمارس الغدر يتقمص دور الصديق في العلن، لكنه في الخفاء ينصب الفخاخ ويزرع الشوك في طريق زميله.

الغِيلة لا تأتي بشكل واحد، بل تتلون بألوان المكر والدهاء، ولاستيضاح صور الغِيلة في بيئة العمل منها:

أولاً: اغتيال الإبداع

حين يسرق الموظف فكرة زميله ويعرضها على أنها من بنات أفكاره.

ثانياً: تشويه السمعة

 إطلاق الشائعات أو المبالغة في أخطاء صغيرة حتى تتحول إلى قضايا كبرى أمام الإدارة.

ثالثاً: التهميش والإقصاء

إبعاد الزميل عن الاجتماعات المهمة أو حجب المعلومات المؤثرة عنه عمداً.

رابعاً: العراقيل الخفية

 تعطيل معاملات أو تأخير إنجازات الزميل حتى يظهر بمظهر المقصر.

خامساً: الابتسامة الماكرة

إظهار الدعم والتشجيع في العلن، بينما يُدبَّر الغدر في الخفاء.

 ولتلك الصور أثراً مدمر، فالغِيلة لا تجرح شخصاً واحداً، بل أثرها سُمّ لبيئة العمل بأكملها، وتنهار جسور الثقة بين الموظفين، فيسود الحذر بدل التعاون، وتُهدر الطاقات في مراقبة النوايا بدل استثمارها في تطوير الأداء، ويضعف الولاء المؤسسي، وتبدأ روح الفريق في التآكل شيئاً فشيئاً، وبعض المنظمات قد لا تنتبه لهذه السلوكيات، فتفقد أهم مواردها، وهي: ثقة موظفيها ببعضهم البعض، وهي رأس المال المعنوي الذي لا يعوضه بمال أو تقنية.

الغِيلة ليست فقط سلوكاً مذموماً إدارياً، بل هي مخالفة شرعية وأخلاقية، قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ﴾، أي لا تنقصوا من حقوقهم، ولا تظلموهم في جهد أو سمعة أو مكانة، وقال النبي صل الله عليه وسلم: ﴿المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره﴾، فإذا كان الشرع قد نهى عن الظلم بين عامة المسلمين، فكيف بمن يفترض أن يكون زميلاً وشريكاً في الإنجاز؟

الخلاصة: غِيلة الموظف لزميله ليست مجرد خطأ مهني؛ إنها طعنة في خاصرة المنظمة، فإذا أردنا بيئة عمل ملهمة ومنافسة عالمياً، فلا بُد أن نغلق أبواب الغدر ونفتح نوافذ التعاون، فالموظف الصادق ليس فقط مورداً بشرياً، بل هو ثروة أخلاقية تحفظ للمنظمة مكانتها، وتضمن لها الاستدامة في مسيرتها، فلنجعل من بيئة العمل ساحة عطاء، لا ساحة غدر، وميدان بناء، لا ميدان خيانة.

التعليقات ()

مشاركة

أخر الأخبار

الجماز: الحضور الجماهير للنصر أمس لا يليق بالنادي رغم وجود رونالدو..فيديو
الجماز: الحضور الجماهير للنصر أمس لا يليق بالنادي رغم وجود رونالدو..فيديو
الرياض
منذ 4 دقيقة
0
1355
e148eb52-d506-4fe0-96c0-29fc08d802c2.jpg
طلاق الإعلامي المصري عمرو أديب ولميس الحديدي
القاهرة
منذ 5 دقيقة
0
1359
6baeecf2-0915-44bf-9c04-bf927e3f5094.jpg
مصدر خليجي: أزمة مباراة الشباب خارج اختصاصنا
الرياض
منذ 10 دقيقة
0
1382
4a16e22f-6ece-4491-9f9e-35e554a0b046.jpg
تهم جديدة تطال راسل براند تشمل اغتصاب واعتداء جنسي
لندن
منذ 10 دقيقة
0
1383
1248c69a-45d2-4ea9-be93-c7d52a61559b.jpg
حائل تسجل أدنى درجة حرارة في المملكة خلال 40 عاما
حائل
منذ 11 دقيقة
0
1385
إعلان
مساحة إعلانية