القيادة الاستشرافية في عالم متغير
في ظل بيئة عالمية تتسم بالتعقيد والتغير المتسارع، لم تعد الأساليب القيادية التقليدية كافية لضمان استمرارية ونجاح المؤسسات. من هنا، يبرز مفهوم القيادة الاستشرافية (Foresight Leadership) كأحد المداخل الحديثة والضرورية التي تمكّن القادة من التنقل في خضم حالة عدم اليقين ، ورسم السيناريوهات المتوقعة ، وتحويل التحديات المحتملة إلى فرص استراتيجية. يعتمد هذا النمط القيادي على القدرة على استشراف المستقبل والتنبّوء له وتحليله، للاستعداد له بمرونة وفعالية ، واستجابة سريعة .
تُعرَّف القيادة الاستشرافية بأنها : ممارسة تحديد الاتجاهات الحالية والمستقبلية التي قد تؤثر على منظمة ما، والاستجابة لتلك التغييرات من خلال التخطيط الاستراتيجي .
يعتمد القادة في ظل القيادة الاستشرافية على أدوات منهجية مثل التفكير المستقبلي (Future Thinking) والتخطيط بالسيناريوهات (Scenario Planning)، حيث يتم رسم خرائط لسيناريوهات متعددة (إيجابية، سلبية، ومحتملة) وتطوير استجابات مرنة لكل منها.
إنّ القدرة الاستباقية والرؤية طويلة المدى التي يتبناها القائد في ظل القيادة الاستشرافية توحد جهود الفريق وتوجهه نحو هدف مشترك، مما يعزز الاستدامة والنمو على المدى الطويل ، وتمكن القائد من تحويل التهديدات المحتملة إلى فرص نمو، من خلال وضع استراتيجيات استجابة سريعة ومرنة ، ومن هنا يكمن جوهر القيادة الاستشرافية في الانتقال من عقلية إدارة الأزمات إلى عقلية تشكيل المستقبل .
إن القيادة الاستشرافية هي بوصلة المستقبل التي توجه المنظمات نحو النجاح في ظل التغيرات السريعة والمتلاحقة. إنها تتجاوز مجرد وضع الخطط لتشمل بناء ثقافة تنظيمية قادرة على التكيف والازدهار في مواجهة المجهول.





