السوق السعودي يتحول: كيف تصنع الأحداث الكبرى اقتصادًا رقميًا جديدًا؟

هيفاء فهد _ريما الوهيبي_ نهى البراك_ لميس الحربي_ اريام الحربي _ ريهام عبدالله العنزي
تشهد الرياضات الإلكترونية خلال السنتين هذه تحولًا نوعيًا، إذ أصبحت الأحداث الكبرى عاملًا محوريًا في دفع النمو الاقتصادي وتعزيز التحول نحو اقتصاد رقمي حديث، ولم تعد الفعاليات الضخمة مجرد مناسبات ترفيهية أو رياضية، بل تحولت إلى منظومة اقتصادية متكاملة تُسهم في دعم قطاعات متعددة، منها السياحة والإعلام الرقمي، كما تشير البيانات المصاحبة للإنفوجرافيك إلى أن الرياضات الإلكترونية أصبحت منافسًا مؤثرًا للأحداث العالمية خلال عام واحد فقط، سواء على مستوى الحضور الفعلي أو من خلال التفاعل الرقمي، الذي بات يمثل عنصرًا أساسيًا في القيمة الإجمالية للحدث.
و جاء اختيار هذه المقارنة تحديدًا لإبراز حجم التطور السريع الذي يشهده السوق السعودي في الرياضات الإلكترونية، فخلال عام واحد فقط استطاعت المملكة تحقيق مؤشرات أداء تقترب من أرقام أحداث عالمية عريقة مثل كأس العالم FIFA، وهو حدث يمتد تاريخه لعقود ويحظى بقاعدة جماهيرية ثابتة حول العالم. ورغم هذا الفارق الزمني الكبير إلا أن البيانات تظهر قدرة السعودية على بناء نموذج تنافسي في فترة وجيزة، مدعومًا باستثمارات قوية في البنية التحتية وتنظيم الفعاليات والتكامل الرقمي، وهذه المقارنة تسلط الضوء على سرعة النمو واتساع القدرة التنظيمية، وحجم التأثير الإعلامي الذي حققته المملكة في الرياضات الإلكترونية، مما يؤكد أن السوق السعودي بات لاعبًا مؤثرًا يمكنه الوصول إلى نطاق عالمي في زمن قياسي.
و يؤكد الإنفوجرافيك المعنون بـ "المستقبل يتحدى التاريخ" هذا التحول عبر مقارنة حدث تاريخي عريق، انطلق في الأوروغواي عام 1930، بحدث الرياضات الإلكترونية في الرياض 2024. ورغم الهوة التاريخية الشاسعة، تكشف الأرقام عن التالي:
• مشاركة اللاعبين: تجاوزت مشاركة اللاعبين في حدث الرياضات الإلكترونية بالرياض (2786 لاعبًا) عدد اللاعبين المشاركين في النسخة الأخيرة من كأس العالم (736 لاعبًا).
• الإيرادات والحضور: بلغت إجمالي إيرادات الرياضات الإلكترونية 2.5 مليار ريال سعودي، وحقق الحدث حضوراً وزواراً يقارب 2.5 مليون زائر، مقارنة بـ 3 ملايين زائر لكأس العالم، ما يبرهن على تنافسية الحدث السعودي.
• التأثير الرقمي: الأبرز هو تفوق الرياضات الإلكترونية في الوصول الرقمي، حيث سجلت ظهوراً على منصات التواصل الاجتماعي تجاوز 2.2 مليار ظهور، متفوقة بذلك على كأس العالم الذي سجل 1.04 مليار ظهور، وهو ما يؤكد أن الرياضات الإلكترونية هي القوة الدافعة الجديدة للتفاعل الرقمي والإعلامي.
وقد أسهم هذا التفاعل في خلق فرص جديدة لصنّاع المحتوى، وزيادة حجم الإعلانات الرقمية، وارتفاع الطلب على الخدمات التقنية المصاحبة لكل فعالية، وفي السياق ذاته مكّنت الاستثمارات الكبيرة في البنية التحتية والمنشآت الحديثة من استضافة فعاليات عالمية بمعايير عالية، ما جعل المملكة مركزًا جاذبًا لهذا النوع من الأحداث، ومع كل فعالية تتولد بيانات ضخمة تُوظَّف في تحسين التنظيم، وتطوير تجربة الحضور، ودعم عمليات التخطيط. ويعكس هذا الدمج بين الحدث الواقعي والبنية الرقمية المصاحبة له تحولًا اقتصاديًا حقيقيًا يمتد أثره إلى السوق الوطنية ككل، وبناءً عليه، يمكن القول إن الأحداث الكبرى أصبحت اليوم إحدى الأدوات البارزة في بناء اقتصاد سعودي متنوع قائم على التقنية والمعرفة، يسهم في تشكيل سوق جديدة تتسع لفرص أكبر وخيارات اقتصادية أكثر حداثة وتطورًا.






