حوادث التحرش داخل المدارس تتحول إلى أزمة تهدد الطفولة

القاهرة
شهدت المدارس مؤخرًا تصاعدًا ملحوظًا في حوادث التحرش بالأطفال، ما حول هذه الظاهرة من مشكلة محلية إلى أزمة عالمية تهدد سلامة الطفولة وتتطلب تدخلًا عاجلًا على كافة المستويات.
وفي مصر، أثارت عدة حوادث صادمة في مدارس دولية جدلًا واسعًا، أبرزها ما حدث في مدرسة «سيدز» الدولية، حيث تعرض 5 أطفال في مرحلة رياض الأطفال للاعتداء الجنسي على يد 4 من العاملين بالمدرسة، بينهم فرد أمن و3 موظفين، تحت تهديد السكاكين لمنع الأطفال من الإفصاح عن الواقعة.
كما شهدت مدرسة الإسكندرية الدولية للغات واقعة تحرش بأربعة أطفال، فيما ألقت الأجهزة الأمنية في أكتوبر الماضي القبض على مدرس تحرش بتلميذات في المرحلة الابتدائية بمدرسة أحمد زويل بالجيزة، ما يعكس هشاشة منظومة الحماية حتى في المؤسسات التعليمية المكلفة.
وتشير البيانات الدولية إلى حجم المشكلة، إذ تعرض نحو 650 مليون فتاة وامرأة للعنف الجنسي في مرحلة الطفولة، وفقًا لليونيسف، بينهم أكثر من 370 مليونًا تعرضن للاعتداء الجنسي المباشر، وفي هولندا، أظهرت الدراسات أن 27% من الطلاب تعرضوا للتحرش داخل المدارس، فيما سجلت الولايات المتحدة أكثر من 11% من فتيات المدارس الثانوية ضحايا اغتصاب عام 2017، أما في أفريقيا فبلغت النسبة 19.6% للفتيات و21.1% للذكور ضمن الفئة العمرية 11-16 عامًا.
ويشير خبراء التربية إلى أن تحويل المدارس إلى مؤسسات ربحية دون الالتزام بالبروتوكولات التربوية والأخلاقية يسهم في انتشار هذه الظاهرة، في حين تظل بعض المدارس القليلة تحافظ على إجراءات صارمة لحماية الأطفال.
ومن منظور نفسي، قال استشاري الطب النفسي الدكتور جمال فرويز إن التحرش بين الأطفال يجب التعامل معه بحذر لتجنب زيادة تأثير التجربة عليهم، بينما يمثل التحرش من قبل البالغين مأساة حقيقية تتسبب باضطرابات نفسية وفقدان الثقة والشعور بالدونية، مع انعكاسات طويلة المدى على النمو النفسي.
وأكد فرويز أهمية دور الأسرة في إعادة بناء شعور الطفل بالأمان وغرس القيم والحدود الشخصية، مع دعم جسور الثقة المفتوحة بين الطفل ووالديه.
وأوضحت أستاذة علم الاجتماع الدكتورة ميادة حماد أن العوامل الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، إضافة إلى ضعف التوعية والرقابة المدرسية، تسهم في تفاقم ظاهرة التحرش، موضحة أن انتشار المواد الإباحية عبر الإنترنت يزيد من تعرض الأطفال للخطر.
وأكدت حماد أن الحل يبدأ بالتوعية الأسرية والمدرسية، وتدريب الأطفال على الحدود الشخصية وطلب المساعدة، مع ضرورة تفعيل القوانين وتشديد العقوبات، وتوفير مراكز دعم نفسي ومجتمعي للضحايا لضمان حمايتهم وتعافيهم النفسي.





