قال المحامي محمد الزامل ، نائب رئيس اللجنة الوطنية للأوقاف بمجلس الغرف السعودية ، إجابة على سؤال الصحيفة حول تعليقه على رأي وزارة الإسكان حول تطبيق رسوم الأراضي على الأوقاف والجمعيات العقارية ، أن الدولة فرضت الرسوم على الأراضي البيضاء بهدف تحقيق صالح المواطن والمجتمع ، إلا أن تحقيق هذه المصلحة المتأتية بتنفيذ النظام تستلزم أن تكون في سياق الدعم الشامل المحقق لتنمية المجتمع بكافة مكوناته وقطاعاته ، ولعل من أهم مكونات المجتمع الداعمة للتنمية والتي ستتأثر سلباً الاوقاف الخيرية بشكل خاص و القطاع الغير ربحي بشكل عام هذا فضلا عما سيسببه تنفيذ النظام على الأوقاف من اشكالا شرعيا وعمليا، خاصة اذا ما نظرنا الى الغاية من وجود الاوقاف والدور الذي تلعبه في سد احتياجات المجتمع وما تفرضه الأنظمة والمحاكم عليها من قيود تحد من التصرف والتطويرفي الأراضي المملوكة لها وهذه قيود غير مفروضة على الكيانات الأخرى الربحية .
ويكفي للاستدلال على مسألة الاشكال الشرعي في فرض الرسوم على الأوقاف اعفاء الأوقاف من فرض الزكاة على المال الموقوف لمصالح المسلمين ، وهذا ما قرره الفقاء وما جرى عليه العمل في بلادنا لدى الجهات المعنية في تحصيل جباية الزكاة إذ قرر الفقهاء أنه لا زكاةَ على المال الموقوف عليه ؛ لعدم تعيُّن مالكه كما قرَّر علماء اللجنة الدائمة للإفتاء بخصوص أموالٍ تمّ جمعها من أشخاصٍ لوضعها في عمل الخير : “إذا كان الواقع كما ذكر فلا زكاة في المال المذكور؛ لكونه في حكم الوقف ، سواء كان مجمداً أو في تجارةٍ تدار ، ولا يجوز أن تدفع فيه الزكاة ؛ لكونه ليس مخصَّصاً للفقراء ، ولا غيرهم من مصارف الزكاة” أ.هـ، “فتاوى اللجنة الدائمة” (9/291) وهذا المناط بعمومه متوفرٌ في مناط تقرير عدم شمولها بالرسوم المفروضة على الأراضي البيضاء ؛ لأنّ الوقفَ زوال لملك صاحبه عليه؛ وحبس عن التصرف فيه؛ وبهذا فإنَّ الملكيَّةَ عليه ناقصة .
. فإذا كان هذا حال الاوقاف باعفائها من الزكاة وهي الركن الثالث من أركان الاسلام والمفروضة على عموم المسلمين والمقدرة مصلحتها وفق تقدير إلهي فمن باب أولى ان تعفى الأوقاف من دفع الرسوم المفروضة في النظام والمقدرة فيها المصلحة من البشر.
الأوقاف لها طبيعة عمل مختلفة بسبب ما يفرض عليها من قيود نظامية وتحديات عملية ليس من العدالة مقارنتها مع الكيانات التجارية الأخرى عند تنفيذ النظام. ومن أبرز التحديات التي تواجها صعوبة التعامل مع القيود النظامية المفروضة عليها من الجهات الحكومية والقضائية في عملية التصرف او تطوير الأراضي المملوكة لها فهي تمر باجراءات معقدة وطويلة لا تمر بها الكيانات التجارية الأخرى ، كما أن واقعها الاستثماري ليس بعيد عن ذلك إذ غالبا ما تخشى الجهات التمويلية من التعامل مع الأوقاف بسبب عامل المخاطرة في عدم القدرة على تنفيذ ضماناتها المقدمة للتمويل فاشكالية التمويل التي يتطلبها تطوير الأراضي البيضاء كان ولايزال أحد أهم التحديات التي يواجهها قطاع الأوقاف ، مما أدَّى إلى تعطيل بعض الأوقاف، وحال دون تنمية بعضها. وأدَّى إلى عدم اتساقها مع المفهوم الشامل للوقف، الذي يهدف إلى اعتبارها كأحد روافد المجتمع.
الحراك الوقفي الذي يعيشه المجتمع وما نتج عنه من وجود كيانات وقفية كبيرة يفرض واقعا حتميا لايمكن تجاهله حول أهمية قطاع الأوقاف في دعم التنمية واعتباره رافدا مهما وحيويا للدولة وعاملاً مساعداً في تحقيق أهدافها وتطلعاتها وهذا ملاحظ في حرص القيادة على إنشاء الهيئة العامة للأوقاف، والحث على وضع استراتيجيتها وخططها التنفيذية التي تسهم في سد احتياجات المجتمع وزيادة الناتج القومي؛ وذلك على غرار التجارب الناجحة لبعض الدول التي أثبتت من الناحية العملية أهمية دور منظمات العمل غير الربحي في رفع مستوى الناتج القومي، فعلى سبيل المثال: تجاوز إجمالي دخل القطاع غير الربحي في أمريكا مبلغ 2 تريليون دولار، وشكلت مساهمته في الدخل القومي بنسبة 5,4 % من إجمالي الدخل، ووفَّر عدداً ضخماً من الوظائف تجاوزت عشرة ملايين وظيفة وفرصة عمل
نتفهم حرص وزارة الإسكان على تحقيق المصلحة من تنفيذ النظام الا أن ذلك لايجب أن يكون على حساب تقويض العمل الوقفي لأنه سيؤدي الى نتائج سلبية وانتكاسه للعمل الوقفي والغير ربحي بشكل عام والمؤمل من الوزارة أن تساهم في تعزيز مكانة الأوقاف وزيادة قدراتها الإداريّة والتنظيمية والاستثماريَّة والتنموية، وتوفير البيئة المحفزة للعمل الوقفي الذي سيزيد من إقبال الناس نحو الأوقاف بما يحقق زيادة إسهام قطاع الأوقاف في تلبية حاجات المجتمع في مجالات الصحة والتعليم والمجالات التنموية الأخرى، وتخفيف من القيود النظامية على هذا القطاع، وأهمها: إعفائه من الرسوم الحكوميّة ، ومنحه المميزات التي تميزه عن غيره من القطاعات الربحية الأخرى. على أنَّ ذلك لا يمنع من مسائلة أعضاء مجلس النظارة في حال ما إذا أهمل النظار المسؤوليّة الملقاة على عواتقهم في تطوير أراضي الأوقاف .
التعليقات
الدولة رعاها الله تعلم المصالح العليا للوطن ..
هناك محمد بن سلمان الله يحفظه يلجم أشكالكم اللي لعبتوا بثروات البلد وأصبح المواطن يستجدي في بلده
كل شيء ..
اترك تعليقاً