يستقبل الناس في جازان رمضان بعادات وتقاليد جميلة تكاد تكون اندثرت اليوم ومنها الفطور الجماعي والتعاون في إعداد الطعام وعمل الزينات وتعليقها في المنازل والفوانيس التي تتدلى في واجهات البيوت وعمل عقود من الزينة التي تعطي انطباعا حسنا عن الفرحة والسرور باستقبال هذا الشهر الكريم الذي يطل بعد غيبة .
وتقوم النساء بتجهيز الأشياء المهمة مثل الملحة والتي يعمل بها اللحوح أحد أهم الوجبات الأساسية في رمضان وتجهيز المغشات لعمل اللحم بها وعمل الشاي والقهوة في مكان يخصص لها وفي الأواني الفخارية وبالذات القهوة لأن كبار السن لايستلذون بطعم القهوة إلا في إناء فخاري يسمى الجمنة وفناجيل الفخار ويقوم الناس بعادات أصيلة توارثوها من الآباء مثل الطعام المتبادل.وتلعب العادات والتقاليد دوراً مهماً في إضافة الكثير من النكهة للمناسبات قديماً باختلاف المجتمعات، وتبقى ذكراها خالدة في عقول الكثير ممن عاشوها خاصة إذا ما كان الحديث عن عادت وأهازيج شهر رمضان المبارك والتي تختلف من منطقة لأخرى والتي لم يبق منها إلا القليل بفعل التطور وتعاقب الأجيال.
ومن أهازيج الأطفال الرمضانية: يا رمضان يا رميضاني وسحورك بر عيساني يا رمضان يا غايب سنة وسحورك تحت أم معجنة. هذه الأبيات الشعبية يرددها الأطفال في جازان مع اقتراب شهر رمضان المبارك وهي تعبر عن شوقهم ولهفتهم وهم يستعدون لاستقباله بالأهازيج والأناشيد التي تجسد فرحتهم بهذا الشهر الفضيل خاصة قبل غروب الشمس بقليل من أول يوم من رمضان يرددون وهم يدقون في حجر يشبه الهاون ويطوفون الأحياء قائلين: «تفطروا يا صايمينا حق رب العالمينا والمؤذن شا يؤذن». تزيين المنازل بالطلاء والروائح العطرية: في الوقت الذي يرسم الأطفال بجازان فرحتهم بحلول الشهر الكريم تلعب المرأة الجازانية الدور المؤثر في هوية العادات والتقاليد الرمضانية وهي تدير المنزل بإحساسها الجمالي من خلال تجديد طلاء المنازل بألوان متناسقة وتغيير بعض الأثاث، إلى جانب ذلك تحرص المرأة الجازانية على التزين بتعكير رؤوسهن بالنباتات العطرية طيلة شهر رمضان مثل الفل والكادي والوالة والبعيثران وغيرها من أنواع النباتات العطرية التي تفوح بالروائح الزكية وزيارة بعضهن البعض في عادات تجسد التلاحم بين الجيران. وعندما يقترب حلول شهر رمضان تقوم الأسر بتجديد منازلها بالطلاء وتغيير بعض الأثاث وكأنهم على موعد في استقبال زائر مهم حيث كانت العشة المصنوعة من القش هي مسكن الأسرة وكانت تزين بالأواني الملونة على جنباتها وعندما تهتز هذه الأواني بواسطة الهواء يصدر عنها صوت موسيقي جميل. ويوجد داخل العشة «القعادة» وهي شبيهة بالسرير بحلول رمضان تحرص النساء على طلائها باللونين الأكثر شهرة حينها «الأسود والأحمر». وتحرص المرأة الجازانية خلال شهر رمضان على تزويد مطبخها بالأواني الفخارية والحجرية مثل «المغش والبرمة والفناجين» وكانت تحرص أيضاً على وضع الماء في إناء فخاري «الجرة» وظيفته التبريد لكي يشرب الصائمون ماء باردا على وجبة الإفطار. وتفضل كثير من الأسر تبخير الجرة ببخور «المستكة» لكي يتميز الماء بمذاق رائع وبرائحة زكية وتغطى الجرة بالقواقع ويتم شرب الماء بإناء خشبي يسمى الصحفة وتدهن بالقطران الأسود قبل استعمالها بأسبوع من ثم تعد للشرب.
وتمتاز منطقة جازان بالأكلات الشعبية خلال شهر رمضان والتي تجسد تنوع مائدة الإفطار والسحور، ويحرص الكثير من الأهالي على وجبة العشاء والتي تكون عادة بعد صلاة التراويح. ومن أشهر المأكولات في رمضان: المغش: يطلق هذا الاسم على الإناء الحجري الذي يطبخ فيه اللحم والخضار ويوضع في التنور. العيش (الخمير) والحيسية: يعتبر الخبز المحلي بجازان ويتكون الخمير من الحب (الذرة الرفيعة) المطحون المخبوز في التنور، والخمير هو الطحين المخمر والمخبوز، ويقال له أيضاً (عيش) ولكنه ذو عجينة متماسكة قليلاً يفت ليوضع في إناء يسمى الحيسية ويرش بالمرق من المغش. اللحوح: هو الطحين أيضاً المخمر ولكن عجينته تكون سائلة ويتم طهي اللحوح في إناء مسطح من الفخار يسمى «الملحة».
ولقد جرت العادة في رمضان على حرص الأهالي بتجهيز الملحة قبل رمضان بأسبوع. أما الأكلات الشعبية التي ارتبط تناولها خلال وجبة السحور فهو «المفالت» وهي أكلة شائعة منها الحلو ومنها الحامض، يتكون الحلو من عجين الذرة أو الدخن غير المخمر وحليب البقر الطازج والسمن البلدي والسكر.. أما المفالت الحامض بالمكونات نفسها ولكن الدخن يكون مخمراً.
التعليقات
اترك تعليقاً