أحدث تغريدات الهاربين من مسئولياتهم الوطنية انصياعا لولاءتهم خارج الحدود تقول وبلغة براقة وببراءة زائفة: ” الحمد لله على كل حال نظرًا للانشغالات العلمية والظروف الصحية التي آلمت بي وبأهلي سأتوقف عن التغريد إلى حين ” .

خبير إعلامي تحدثت إليه ” صدى ” توقف طويلًا أمام لغة الخطاب التي يتبناها الإخوان السعوديون وهم يتوجهون بتغريداتهم للمتلقي غير المتخصص ويقول الخبير: التغريدة دائمًا تبدأ بجملة استهلالية معتادة لتهيئة المتلقى عاطفيًا لما هو قادم.. ثم المضمون المقصود ثم جملة ختامية تأخذه إلى منطقة ضبابية غير محددة مثل الجملة الواردة في التغريدة السابقة ” إلى حين ” .

ومع الوضع في الاعتبار أن التغريدة السابقة لايمكن إدانتها بالمطلق ولا توجه الاتهام إلى صاحبها فإنها تشكل نموذجًا لتغريدة هروب الإخوان السعوديين التي تتشابه في المضمون وتختلف في المفردات حسب الخبير الإعلامي من المشاركة الفعالة الواجبة بجانب الوطن في مطالبه العدالة من قطر التي لا تحمي المحيط الخليجي والإقليمي من مغامراتها غير المحسوبة بل تحميها هى نفسها بعد أن ثبت بالدلائل والوقائع والمستندات أنها تمول وتدعم الإرهاب وتوفر الملاذ الآمن للإرهابيين وتعمل على زعزعة استقرار الدول الشقيقة.

الأخطر في الأمر هو ما استوقف مهتمون بتحليل رسائل وتغريدات الإخوان السعوديين على مواقع التواصل الاجتماعي حيث أعادوا للأذهان ليلة مسرحية الانقلاب التركي المزعوم وما حفلت به من نشاط امتد حتى مطلع الفجر بينما تجاهلوا مع سبق الإصرار والترصد حدثًا أكبر وأهم وأعظم في مسيرة الوطن واكب المسرحية وهو إعلان واشنطن براءة المملكة من افتراءات التورط في أحداث 11 سبتمبر.

وتكمن أهمية هذا الإعلان ليس في مضمونه فالمملكة لم تكن يومًا داعمة ولا راعية ولا ممولة ولا متعاطفة مع الجرائم الإرهابية بل إنها من أوائل الدول التي استهدفها الإرهاب وسددت فاتورته الباهظة من دماء الأبرياء ومقدرات الوطن.. ليس هذا فحسب بل إنها من أوائل الدول التي حذرت من أن الإرهاب بلا وطن ولا جنسية ولا دين وأن من يصمتون عنه ظنًا أنه لن يطالهم سيكتوون بناره.. وقادت الجهود الدولية التي استهدفت استئصال شأفة الإرهاب والأهم هو تجفيف منابعه.

المثير للدهشة، حسبما قال متابعون كثيرون لـ ” صدى ” أن هذا الحدث الأهم الذي يعتبر بمثابة خذلان للمتآمرين على المملكة تاه وسط الحفلة التي نصبها الإخوان المسلمون ليلة الانقلاب المزعوم على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

في هذه الحفلة تجاوز الأمر كل الحدود بل وصل إلى حد وصف الانقلاب إلى أنه حرب إيمانية ومعركة بين فسطاطين للإيمان والكفر.. وها هو أحدهم يضع حب أردوغان وحزبه شرطًا سادسًا يضاف إلى شروط الإسلام الخمس ” كل من يفرح لتراجع شعبية حزب الحرية والعدالة والتنمية لأن توجهاته إسلامية يحتاج لتعلم نطق الشهادة من جديد وآخر يستذكر في تغريدته كلام السيدة خديجة للرسول عليه الصلاة والسلام ” كلا والله لن يخزيك الله أبدًا إنك لتحمل الكل وتكسب المعدوم وتعين على ثوابت الحق “.

ويزيل تغريدته بجملة على لسانه تقول: ” رأينا مصداق هذه الكلمة ليلة البارحة ” في إشارة إلى ليلة الانقلاب وهو يشبه أردوغان بالرسول، ويستذكر أحد المتابعين ما حدث مؤخرًا من خادم الحرمين الشريفين حيث رفض من كاتب يخاطبه بكلمات بصحيفة شقيقة مما وصف بها الله نفسه أو وصف بها إبراهيم عليه السلام، وأمر يحفظه الله على أن يعلن ذلك للملأ حتى يضع حدًا لمثل هذا التوجه من قريب أو بعيد مشددا على خطورة التساهل في كونه يمس جناب التوحيد .

ويواصل متابعون رصد جوانب من تفاصيل الحفلة الإخوانية بفشل الانقلاب إذ ذهب أحدهم إلى حد تصنيف من يفرح بهذ الفشل بين كافر أو جاهل أو صاحب هوى .

وعلى عكس ذلك يؤكد خبراء في شئون جماعات الإسلام السياسي ومنشقون عن جماعة الإخوان أنه لا مجال لاستغراب هذا الاحتفاء بفشل الانقلاب في تركيا وغض الطرف أو التعتيم المتعمد على المنجز الوطني ويشيرون إلى أن المكاسب التي حققتها عمليًا ” عاصفة الحزم ” و ” إعادة الأمل ” لم تلقيا الاحتفاء الواجب من الإخوان السعوديين رغم أن العمليتين حتى الآن نجحتا في الحفاظ على شرعية اليمن والحيلولة دون سقوطها في أتون الحرب الأهلية أو السقوط في فخ مخطط ملالي طهران لاستعادة حلم الإمبراطورية الفارسية.

وقال منشقان من جماعة الإخوان لـ ” صدى ” المواقف الإخوانية تعكس دائمًا التشبث بالولاءات الخارجية انطلاقًا من تعظيمهم لمفهوم ” الأمة ” على حساب ” الوطن ” فهم لا يعترفون بالوطن ولا حدوده ولا سيادته ولا ترابه ولذلك لايمانعون من أن يتولى أحدهم ممن ينتمون إلى قرقيز ستان مثلًا الخلافة الإسلامية المزعومة والتي لا وجود لها إلا في أذهانهم وخيالاتهم المريضة.
ويذكر أحد الخبراء ممن تحدثت إلهم ” صدى ” بجملة شهيرة أطلقها مرشد الإخوان مهدي عاكف وهى ” طز في مصر ” .. ويشدد الخبير على أن الجملة ليست عفوية ولا زلة لسان بل تعبر على أن الوطن هو آخر همهم.