احتضننا رمضان برحمته ورأفته وجماله فكان رحيقاً وضياء استقبلناه بكل حب وحنين وسنودعه بدموع توبتنا لعلها تغسل الأنفس وتنقي الأرواح من الحقد والحسد والذنوب.
وها هو رمضان الضيف الجميل شارف على الرحيل لتهفو القلوب وتلهج الألسن بالدعاء وتكثر الصلوات وترفع الأيدي إلى الله تعالى طمعاً في رحمته ومغفرته .. صدق قوله تعالى عندما قال { أيامٍ معدودات } لقد كنّا بالأمس نقول أهلاً يا رمضان واليوم نقول مهلاً مهلاً يا شهر القرآن ، مهلاً يا شهر المحبة والغفران ، مهلاً يا شهر الصبر والإحتساب يا شهر الثواب والأجر شهر العفو والعتق من النار ،،، لماذا ترحل بهذه السرعة ؟ فقد اعتدنا عليك !! سنشتاق يا رمضان سنشتاق إنها كرحلة سريعة من عمرنا تمضي فلا أعلم هل سنُعيد هذه الرحلة مجدداً أم سنرحل معك .
رمضان تمهل لا تسرع، لم نشبع من ممارسة طقوسك ولَم نكتفي من لياليك الجميلة واوقاتك ، ها نحن قد دخلنا العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، مضى الكثير ولَم يبقى بين أيدينا سوى أيامٌ قليلة ، ها هو شهر الخير فُض خيامه وانتهت رحلته القصيرة فحق لنا أن نحزن لفراقه، رمضان ستترك لنا ذكريات جميلة ، وكأن آخر يوم منك أول يوم أول يوم استقبلناك فيه .
يا شهر المحبة ، هل سنُدركك العام القادم أم سنرحل مع الراحلين ؟
يا شهر الخير ، هل سنتسمر في قراءة القرآن الكريم وتختيمه أم سنهجره ؟
يا شهر المحبة ، هل سنستمر في صلة الرحم والمحبة أم سنكون أكثر صلة من قبل ؟
يا شهر العتق من النار ، هل سنستمر مع المناجاة مع ربنا كل يوم أم سنقطع هذه المناجاة والدعاء؟
قال إبن الجوزي: ” إن الخيل إذا شارفت نهاية المضمار بذلت قصارى جهدها لتفوز بالسباق ”
فلا تكن الخيل أفطن منك !!
رمضان شهر تربوي حيوي تفاعلي تلاحمي رمضان محطة سنوية تؤثر في النفس تأثيرا بالغا حيث تنتعش القوى الروحيه بداخلنا فتتصالح النفوس مع ذواتها ومع بعضها البعض في منظومة إيمانية بديعة لا تجد لها مثيلا إلا في روضة الإسلام الغناء فهو بين منح المغفرة للصائم ، والدعوات المستجابة عند إفطاره وليلة القدر التي تجمع له طاعة 83 عاما أو يزيد ( ما أعظمك من اسلام ) فضلا عن غل الشياطين وغلق أبواب الجحيم وكفى المؤمن شرفا أن خلوف فمه وهو صائم أطيب عند الله من ريح المسك .
إن المسلم في رمضان بالفعل يتغير وتأخذ حياته صبغة نورانية جميلة وتعزف نفسه عن المعصية عزوف الملائكة عنها.
أيها المسلم هنيئا لك ولمن صام رمضان هذا العام وأسأل الله أن يبلغنا رمضان أعواماً عديدة أحسن فيما تبقى ليغفر لك مامضى فاغتنم ما بقي فلا تدري متى تدرك رحمة الله .
التعليقات
اترك تعليقاً