هنا 1945 ,الشوارع مدمرة، البيوت مهدومة، البلد قد سقط. كانت الحرب العالمية مأساة لليابان فيكف لتلك الوقيعة ان تلد أحد أكبر الاقتصادات العالمية وأكثرها نموا آنذاك.

انتصر الحلفاء ومحاولة لتفادي أخطاء الحرب العالمية الأولى ولكي يضمنوا ابتعاد الشعوب عن انتخاب القادة الشعبيين الوطنيين وضعوا خطة محكمة للتحكم بالبلدان الخاسرة.

في حالة اليابان بلدة تدمرت بنيتها التحتية وسقط حكم الامبراطور وعائلته الممتد للعديد من السنوات، اضطرت قوات التحالف على ان يقدموا ويعدوا بالمساعدات المادية مع إعادة بناء البنية التحتية. ارادت قوات التحالف اقتصاد مستدام فلم تف المساعدات بذلك فحسب، بل نفذت القوات خطة اقتصادية شامله، تطوير واستحداث صناعات محلية، التوقيع على اتفاقيات تبادل تجارية وغيرها من الاصلاحات.

كانت الخطة عظيمة فكانت اليابان اول البلدان الشرق اسيوية التي تحافظ على اقتصاد نامي ومستدام، مرت اليابان بثورة صناعية كبيرة فقد حظيت بسوق كبير للصناعة السيارات، وسوق صناعي اخر للصناعات التقنية المتقدمة، كانت اليابان جذابة للمستثمرين آنذاك وذلك بسبب رخص القوى العاملة وتقبل الصناعات الحديثة.

في الستينات الميلادية كانت اليابان تنمو بنسبة 10 %بالنسبة لاقتصادها الوطني وهذه نسبة تعتبر عالية جدا. كانت اليابان ذكية في التصرف بثرواتها المستحدثة فقد استثمرتها في تطوير بنيتها التحتية كشبكة قطارات، شبكة طرق وغيرها من الاستثمارات الحكيمة التي ستطور من كفاءة اقتصادها.

كان النمو جنوني في اليابان لدرجة ان الكثير من العامة توقعوا ان تتغلب على الولايات المتحدة في سباق الاقتصادات الدولية، كانت المؤشرات كلها خضراء، سوق صناعة سيارات هو الاكبر في العالم، الوجهة الرئيسية لسوق الحواسيب الذي يسجل نمو غير مسبوق. لكن ماذا حمل المستقبل ألارض شروق الشمس.

الركود:
التسعينات الميلادية بدأت بركود اقتصادي خيم على اليابان، لعل رقم الناتج المحلي الياباني يضعنا في الصورة، ففي عام 1994 سجلت اليابان ناتجا محليا يساوي 9.4 تريليون دولار مسجلة نفس الرقم في عام 2019 بدون أي نمو في الناتج الاجمالي، أي ان اليابان لم تتقدم أي تقدم ملحوظ في اخر 30 سنة. لعل الاسباب تعددت، منها معدل الاعمار المرتفع في اليابان، احتدام المنافسة في قطاعات اليابان الرئيسية ف على سبيل المثال سوق صناعة السيارات يواجه تحديات ملحوظة من دول اسيوية منافسة، الصناعات التقنية تقدمت بشكل أكبر في تايوان والصين مما سحب البساط عن اليابان، وغيرها من الاسباب التي قد تطول.

السياسات المالية والنقدية:
كانت محاوالت الاصالح الاقتصادي في اليابان تتمحور حول محورين رئيسين وهم السياسات المالية والنقدية. بشكل مبسط معنى السياسات النقدية يدور حول قرارات البنك المركزي اما برفع الفوائد او خفضها، خفض الفوائد يعني ان الاقراض أصبح أرخص مما يحفز على زيادة الانفاق وزيادة تداول العملة مما قد يصحب تضخم والحالة المعاكسة بالرفع تعني العكس تماما. في التسعينات الميلادية كانت نسب الفوائد المحددة من البنك المركزي الياباني 6 ،% اليوم وفي محاوالت لرفع الانفاق يضع البنك المركزي فوائده بالسالب مما يعني دفعه للبنوك المحلية لاقراضها.

في الحالات الطبيعية يصحب خفض الفوائد لمعدالت متدنية ارتفاعا في معدلات التضخم كما يحدث حاليا في الواليات المتحدة، في حالة اليابان البائسة وبسبب عدم نموها في شتى القطاعات الاقتصادية وثبات معدالت الرواتب لم يصحب التضخم نسب الفوائد المتدنية هذه. الركود وصل لحالة سببت انكماش تضخمي في الاقتصاد مما يعني ان أسعار المنتجات تنخفض مع الوقت عوضا عن ارتفاعها مما يؤثر على معدالت الانفاق بين الشعب. فوضى الانفاق أدت البنك المركزي الياباني الفتعال برامج التيسير الكمي وبشكل مكثف، ففي عام 2013 أعلن البنك المركزي عن مضاعفة اعداد العملة المحلية المتداولة، مما أدى غرضه ودفع الاقتصاد الياباني من انكماش اقتصادي الى نسب تضخم مريحة سجل البنك المركزي نجاحا كبيرا في حفظه لنسب تضخم مثالية، لكن لم ينم الاقتصاد الياباني محافظا على ركوده العظيم.

وهذا بالأحرى يسجل كنجاح للبنك المركزي ألن هذه الحاجة من البنوك المركزية، حفظ معدالت التضخم. هذا يوصلنا الى محور فشل اليابان في استخدام أدوات السياسات المالية، السياسات المالية هي أدوات الحكومات للتحكم في الانفاق الرأس المالي ومعدالت الضرائب. الاقتصادات النامية تحاول خفض معدالت الضرائب ورفع الانفاق الرأس مالي مسببين نمو في نشاط الاقتصاد بسبب تداولات الافراد المحفزة، لكن المنعطف الخطير في مثل هذه القرارات هو الدين العام ففي حال صرف الكثير من الأموال بسبب ارتفاع معدالت الانفاق الحكومي وشح الدخل بسبب خفض الضرائب فهذا قد يسبب ديون عارمة وكارثية وهنا تقع اليابان بدين عام وصل ل 11 تيرليون دولار، مما يغطي ضعفين ونصف حجم الناتج المحلي الياباني. مما يجعل اليابان في حالة ال تحسد عليها فما بين عدم القدرة على تحفيز الاقتصاد بسبب الديون العارمة ف لديها الكثير من المشاكل الاجتماعية التي تحد من صرف الافراد، هذا عوضا عن اخذ المنافسين مكانها في عدة صناعات.