يجب أن لا نستهين بتأثير الإعلام منذ القدم على الشعوب والأمم…

ويجب أن نعرف أن الإعلام ليس صناعة معاصرة، بل هو نظام قائم منذ العصور السابقة…
وكان إعتماد النبي صلى الله عليه وسلم في بناء المدينة المنورة كدولة بناءًا على عدد من المقومات ومن ضمنها الإعلام من خلال (الشعر)…

وحسان بن ثابت أول وزير إعلام في التاريخ الإسلامي…

حيث كان يلخص ثقافة المجتمع في قصيدة، ويروي كذلك عن الانتصارات
وعلاقة الشعب بالوطن في قصيدة
وعلاقة الدولة بالمواطن في قصيدة أخرى…

وبالتالي نستنبط من خلال ذلك أن الشعر كان أول وسيلة إعلامية في الجاهلية (كما يسمونها) وفي عصر صدر الإسلام…

وكان لكل إعلامي مواصفات ومقاييس في ذلك الزمان يجب أن تتوفر فيه عدة شروط منها:
_ أن يكون الإعلامي ذو وجاهة في قومه
_ أن يكون أكثر إطلاع وثقافة
_ أن يكون فصيح ومتحدث لبق
_ أن سريع البديهة في الردود والأفعال

لأن المتطفلين كانوا متواجدين منذ ذلك العصر، وما يسمى بشعر الصعاليك لم يعتد به عند العرب كوسيلة إعلامية بل كان مباهاة بلاغية لاغير…

بينما كان يؤخذ الإعلام من أُولي الرأي والوجاهة والسيادة في قومهم…

وعندما دار التاريخ دورة أخرى لم تستغني الدول ولا الشعوب ولا المجتمعات عن الدور الإعلامي مع تغير الأساليب…

عُطل الشعر كوسيلة إعلامية وحل مكانها الشاشة الكبيرة في زمن ما…

بل وعُطلت الشاشة الكبيرة وحل محلها الشاشة الصغيرة المحمولة في جيب عامة الناس ممثلة في الإعلام الجديد (السوشيال ميديا)…

يحملها الإعلامي المتطفل (الصعلوك الجديد) بمقاييس زماننا هذا…

فأحدث خلل كبير بحيث أصبحت شريحة كبيرة لا يُستهان بها في المجتمع تمارس (التصعلك)…

فلا أكاد أن افتح السناب شات حتى ينهالون (الصعاليك الجدد) وتنهال اعلاناتهم الساذجة…

ماذا أضافوا إلى المجتمع؟
العري، وإعلانات للبضائع الكاسدة!!!!

لنأخذ نموذج لإعلامي(صعلوك) من الإعلاميين الجدد (طبقة الصعاليك) كيف بدأ؟، وكيف بدأت شهرته كإعلامي متصعلك؟

نجد في البداية أنه يمارس التفاهة عمدا لكي يلفت الأنظار إليه، ويُثير الجدل…

وبعد فترة وجيزة من ممارسة دوره كمهرج تافه يبدأ هذا الإعلامي الجديد (الصعلوك) في التنظير عن قضايا المجتمع، وقضايا الأسرة، والزواج، والافتاء في الدين…

وهذا يسوغ للشاشة الكبرى أن تستدعي هذا (الصعلوك) ليصبح فجأة أيقونة مجتمع…

ومن ثم يبدأ هذا الصعلوك يُصاب بجنون العظمة، وماهي إلا فترة وجيزة حتى نجده يستفرغ ثقافته الضحلة في كل وسائل التواصل الجديدة…

وفجأة وبلا سابق إنذار يقوم هذا (الصعلوك) بمنح نفسه لقب (إعلامي) دون أن يدرس الإعلام حتى!!!

في ظل غياب القانون الرادع لامثال هؤلاء…

وأصبح (الصعلوك) إعلامي مُخضرم، كأن تتخيل أن الشنفرى كان سيدًا في قومه، أو تأبط شرًا كان وجيهًا، ونحن نسمي ذلك العصر بالعصر الجاهلي…
بينما أنه كان يطبق قانون المجتمع أكثر مما نطبقه اليوم…

أنا من وجهة نظري الشخصية أننا نعيش اليوم جاهلية أكثر من الجاهلية الأولى…

في ظل هذه الفوضى التي لايحكمها قانون سينتج لدينا مجتمع هش، مجتمع مشوه، وسطحي، يلهث خلف الشهرة الكاذبة والمؤقتة…

الجميع أصبحوا يحبون لقب (إعلامي)…

(وياكثرة الكتب وياقلة القُراء)…

من هنا فإني أُطالب وزارة الإعلام بسن قوانين تمنع هؤلاء المتطفلين من الظهور كواجهة للمجتمع…

وسبق لي أن كتبت سابقاً (تلميحًا لا تصريحًا)..

أخرِجوا الصعاليك من جزيرة الإعلام …