من المتعارف عليه بعالمنا العربي بأن آخر العنقود هو ذلك الطفل المدلل لكل العائلة
ولكن!

العرب لم ينظرو إلا للبدايات فقط، ولم يرو العرب النهاية ماذا ستكون؟
وكيف ستكون؟

فهذا الطفل المدلل سيدفع ثمن جميع دلاله من أبويه ومن أخوته وأخواته حرفيًا.

سيرى مصرعهم، وسيعيش آلامهم، وسيرى حزن أبنائهم.

هذا لطفل المدلل” آخرا العنقود” بالأصح ليس آخر العنقود بل هو الأم، والأب، والطبيب، والمصلح الاجتماعي، والمرشد الأسري الذي سيتحطم قلبه ويذوب صوته وتتلاشى استغاثتاه على صخرة الحقيقة التي تحتم عليه أن يأخذ كل فواجع من سبقوه، وأن يشعر بآلام فقد أبويه، وفقد كل إخوته وهذا بحد ذاته أعظم العذاب.

فما بالك بأن يتلقى العزاء مع إخوته في أبويه، ومع أبناء إخوته وأخواته في إخوته.

“آخر العنقود” تلك الطفلة المدللة أصبحت تكابد كل آلام عائلتها، بعد أن فقدت أبويها وبدء إخوتها يتساقطون كأوراق الخريف.

من يعزيه تلك الطفلة المدللة؟
من يشاركها أحزانها؟
لكي الله يا آخر العنقود
لكي الله يا أيتها الشريفة في جميع آلامك وأحزانك، حتى وأنا ابنتك لازلت أقف عاجزة من أين أبدأ؟، وكيف أواسيك؟، وكيف أخفف عنك آلامك؟

وفي نفس الوقت أحبك يا أمي لأني أنا ابنتك الكبرى، ولربما لن أشعر بآلامك التي شعرتي بها.

سامحيني يا أمي فقد أنهكت نفسي بالبكاء بقدر ما أنُهكتي من الشقاء.

ولكن بكائي وشقائك لن يغير في الواقع شيء!

هذا العالم موحش، ولكنني سأقف إلى جانبك.

وتأكدي أيتها الهاشمية أن كل دمعة تذرف من عينك هي قطرة دم تنزل من قلبي.
رحم الله جدي وجدتك، رحم الله خالي الشريف طلال ذلك الرجل لعظيم الذي أحدث فراغًا كبيرًا بعد وفاته، ليس في قلبك فقطـ بل في حياتنا جميعًا.

أنا إلى جانبك دائمًا، وإلى جانب أبي وأعزيكم دائمًا، وأشعر بآلامك وأشارككم إياها.
يا آخر العنقود تشبثي دائمًا بقوة الإيمان، وأعلمي أن كل هذه الآلام ليست إلا ضريبة لكل ذلك الدلال الذي تلقيته في صغرك.

نعم!

إنها سخرية الأقدار.

هذا ما شعرت به من حزن وألم، وهذا ما تمكنت من كتابته لكي يا رفيقة دربي، و يا معلمتي الأولى، و يا حبيبتي، و يا أيقونتي.

وتأكدي دائمًا أني أعزيك في قلبي وفي قولي وفي فعلي.

فلله درك أيتها الهاشمية القوية، التي لا زالت تتمالك نفسها، وتتحمل كل ذلك الألم وهي صامتة لا تشكو.

“إهداء إلى آخر العنقود أمي”