عندما كنا صغاراً كانت طموحاتنا (دكتور- معلم – مهندس- طيار) وهلمّ جرى من التخصصات العلمية الكبرى، وأتت الأجيال من بعدنا بنفس الطموح، وبعد التخرج نصبح سطحيين فالكثير من الأجيال تصبح داخل محيط دائرة التوافه للأسف، والدليل على ذلك انتشار واشتهار مشاهير عديمي المحتوى، من أوصلهم لهذه المكانة من الشهرة التي لا يستحقونها هو المجتمع الذي كانت تطلعاته في صغره راقية، واليوم يُشهر من لا يستحق.

جميع التخصصات العلمية الكبرى وبقية المهن والحرف والمهن(مهن إصلاح السيارات والمعدات – كهرباء – سباكة – نظافة – بناء – نجارة وحدادة – مطابع دعاية وإعلان- وأيضاً هناك مهن أخرى غابت عني) كلها أصناف تكاملية أساسية، لو فُقدت واحدة منهن لن تكون هناك نهضة وازدهار، وبما حبانا الله من النعم أصبحت أجسامنا لا تتحمل المهن الشاقة فيتم استقدام العمالة من الخارج فيطورون البلاد ويستفيدون وتستفيد عوائلهم وبلدانهم، منافع متبادلة، من سُنّة الله لو كانت الشعوب على نمط معيّن لتعطلت الحياة، ولكن جعل الله الشعوب والأوطان أجزاء تكاملية تحتاج بعضها، أوطان تحتاج المال فتصدر العمالة لجلب المال، وأوطان تحتاج العمالة فتصدر المال لجلب العمالة.

حبانا الله بنعمة الأمن والمال، وبالمال امتلأت بيوتنا بأحدث الأجهزة الالكترونية، بها نستطيع الحصول على أيّ معلومة ونحن نحتسي القهوة، لدينا الإمكانيات لخلق جيل يمتلك مهارات العلم والمعرفة التقنية والصناعية، كلٌ حسب ميوله الفطرية، هناك شعوب أقلّ منا في الإمكانيات ومع ذلك تجاوزتنا بالتقدم.

فيا ترى ما الذي أصابنا هل هو غياب القدوة الموجّه؟ أو عدم وجود مراكز تعليمية متعددة التخصصات لاحتواء الشباب ذوي المهارات المدفونة، لدينا كفاءات خاملة تحتاج إلى تحريك، ولن تتحرك ما لم تكن هناك قدوات فاعلة ومؤثرة في المجتمع، معظم الأجيال الحالية كباراً وصغاراً ذكوراً وإناثاً سيطرت على عقولهم الأجهزة الالكترونية وانشغلوا فيما لا يرجى نفعه إلا ما قلّ.

معظم أجيالنا الحالية تعيش بلا هدف، تضيع أوقاتهم ما بين تصفّح الأجهزة والجلوس في (الكافيهات والمقاهي)، يهدرون أوقاتاً ثمينة في الترفيه اكثر من اللازم، الله سبحانه استخلفنا في الأرض لعبادته وعمارة الأرض، ولن تكون هناك عمارة للأرض دون تضحية وتحريك المواهب المتنوعة، وتخطيط مسبق، الوضع شائك ومعقّد وأملنا بالله كبير ثم بالنخب وبالقطاع الحكومي والخاص وبالمجتمع بجميع فئاته بالعمل مع بعض بأهداف موحدة تصحح مسار أجيالنا، فالمسئولية هنا مشتركة بين الجميع. والله الموفق.