هل تساءلت يوما عن عدد الأشخاص الذين قابلتهم في حياتك؟

في لحظة تجلي سألت نفسي هذا السؤال، وأدركت بأنه من المستحيل إحصاء هذا الكم الهائل من الوجوه التي صادفتها

فأكتفيت بإحصاء المقربين، ولم أتمكن أيضا من إحصائهم بشكل دقيق فتنازلت عما سبق!

فشرعت في إلقاء نظرة فاحصة على شاشة هاتفي فوجدته مُثقل بكم هائل من الأسماء التي بعضها لا أعلم كيف أتى، ومتى؟

ولكن الغريب في الأمر أن نسبة ٩٠% من هؤلاء الذين لا أعرفهم إلا معرفة سطحية!

هم الأكثر تفاعلًا معي، وهم المُبادرين دائمًا بالتبريكات والتهاني، سواءًا عندما أضع حالة على برنامج “الواتس آب” أو بالمناسبات الأخرى كالأعياد

فتنبهت لأمر آلمني ألا وهو أن رفاقي المُقربين ليسوا سوى أرقام، تترقب في صمت

فألقيت نظرة على مجموعات برنامج “الواتس آب” فوجدت أن الأصدقاء الإفتراضيين هم الأكثر أريحية، ولست أنا بمفردي من لاحظ هذه الظاهرة، فالغالبية العُظمى يجدون راحتهم في الحديث مع الأصدقاء الافتراضيين

فهذه الظاهرة “النتنة” والتي تفشت مؤخرًا في المُجتمع بدأت تتوسع بشكل سريع وملحوظ

سأشرح الأمر بشكل ومُبسط

عندما أضع حالة فيها إنجاز، أو خبر مُفرح أجد الأقربين يُتابعون في صمت، بينما الصديق الإفتراضي لا يكتفي بالتهنئة برسالة، بل بإتصال مع العلم ان هذا الصديق الإفتراضي لم اقابله شخصيًا فتبدأ التساؤلات التالية:

هل الأقربين يُكنون البُغض؟

أم يُزعجهم النجاح؟

والغريب في الأمر انك عندما تقابل أحد هؤلاء الأقربين يأخذك بالأحضان!
وهذا ما يجعلك في حيرة؟!

وتتداول في نفسك الكثير من الأسئلة؟

وفي نهاية المطاف تصل إلى قناعة أنه كلما اقتربت من الإنسان كلما إزدادت على وجهه الأقنعة

وتُؤمن إيمانًا تامًا أن تلك الأحضان مُزيفة، وأن كل الذين حولك مُزيفون

وأعود لقناعتي السابقة (إن أفضل الأصدقاء هم أولئك الغرباء الذين تجدهم في محطات القطار، أو في صالة المطار، أولئك الذين تتحدث معهم بكل أريحية)

لأن تلك الصداقة محدودة بإنتهائك من تدخين سجارتك مع هذا الصديق العابر.

وعندما تسمع نداء رحلتك تُلوح له بيدك، وتمضي.