كمُختصة في علم الإجتماع من واجباتي الرصد والملاحظة فلاحظت منذ شهر جمادى الآخر بوستات الوعيد الشديد، والتهديد من غالبية التجار الإلكترونيين.

فتارة أجد بوست إعلاني من أسرة منتجة تعلن عن فتح باب الطلب للمُفرزنات “سمبوسة، كبة، وبيتزا… وغيرها من المعجنات، منتهية بتهديد ووعيد أن آخر موعد لإستلام الطلبات ببدايات شهر رجب، فتحت التعليقات وإذ بي أجد توسلات مُكللة بالأدعية لبعض من الزبونات موجهة للتاجرة بأن تفتح باب الطلبات، أو تمددها، والتاجرة بكل أنفة وتكبر إجابتها “قفلت الطلبات شوفي لك أحد ثاني غيري”!

وتارة أخرى أجد بوست إعلاني آخر لمتجر إلكتروني يعلن عن فتح باب الطلب لفساتين العيد، وملابس رمضان من جلابيب، وفستان الأم وبنتها، منتهية بتهديد ووعيد أن آخر موعد لإستلام الطلبات ببدايات شهر رجب كذلك!!

ناهيك عن المتاجر الإلكترونية الأخرى والتي بدأت تضج بإعلانات لأجهزة تحضير الطعام والعصير بعنوان “تلحق أو ما تلحق” كجهاز اللقيمات، وجهاز كبير للقلي، وقوالب لتسهيل تشكيل السمبوسة، وقوالب لتسهيل تشكيل الكبة، وطاوات كهربائية للمصابيب، وقدر الضغط الكهربائي، وغيره وغيره من الأجهزة الغريبة والعجيبة.

وغيرها من دفاتر المتاجر الكبيرة المطبوعة والتي تبدأ بعنوان أحمر يحمل وعيد وتهديد “ولفترة محدودة”، ونهاية الدفتر من فضلكم : حبتان لكل عميل!

وغيره من محلات الأواني المنزلية.

ماهذا يا قوم؟

ما حالة الإستنفار هذه؟

فبدلًا من التأهب لشهر المغفرة، وشهر الصيام والقيام وتلاوة القرآن، شهر العتق والغفران، شهر الصدقات والإحسان، شهر تفتح فيه أبواب الجنات!

أصبحت الناس تتأهب ما قبل شهر رمضان إلى التخزين، والترس.

عزيزتي هل أنتي نملة تجمعين بالصيف لإستقبال الشتاء ؟

أُخيتي هل أنتي ناقة لتخزين الماء والكلأ بالسنام؟

غاليتي هل أنتي من فصيلة الدبب القطبية؟

أم تأثرتي بفيلم “The Road” فأصبحتي تُجمعين وتُخزنين الطعام وكأنكِ تتأهبين لنهاية العالم؟

ما هذا؟

يا إلهي، من يرى عربات الناس بالهايبر ماركت، والفيديوهات كيف يتدافعون لتجميع أكبر قدر ممكن من قوارير عصير التوت المُحلى؟

يا أعزائي ولله الحمد نحن نعيش بالمملكة العربية السعودية، بلد الأمن والأمان، حيث الأمان الغذائي.

مالذي يحصل؟

كل ذلك فقط لسُفرة إفطار رمضان؟

أُيعقل هذا؟

عائلة مكونة من أربعة أشخاص يشترون كيس دقيق وزن ٥٠ كيلو؟؟ ومن شهر جماد الآخر؟؟

والأسر المنتجة في حالة استنفار لإستلام طلبات “فرزنة المعجنات”، مع التهديد والوعيد لمن تتأخر عن الطلب؟؟

وبرامج مواقع التواصل الإجتماعي في حالة سباق مع الزمن للطهاة كل عام من شهر جمادى الآخر في تقديم أسرار قرمشة اللقيمات، وهشاشة عجينة سمبوسة البف، وسر ثقل شوربة الحَبْ، وكيف تكون عجينة المصابيب موزونة؟؟

هل يُعقل أن الناس طوال العام في حالة جوع؟

أم أن الناس طوال العام في حالة حرمان؟

ناهيك عن إعلانات أدوية سوء الهضم، وإرتجاع المرئ التي تملأ الشوارع؟

ويكون إعلان تلك الأدوية تُقدم كفاصل أعلاني بالقنوات الفضائية؟

لما كل ذلك؟؟

لماذا يتم التعامل مع سفرة إفطار شهر رمضان المبارك وكأنها “العشاء الأخير Last Supper”؟

لما كل هذه الفجعة؟

أيام معدودات ونُقبل على شهر الخير، شهر رمضان كل عام وأنتم بخير، مبارك عليكم الشهر، أعاده الله عليكم أعواماً عديدة وأزمنة مديدة أعاده الله علينا وعليكم بالخير والمسرات.