فتحت شرفة حجرتي هذا الصباح والمطلة على حديقة جميلة يرتادها سكان الحي الهادئ الذي أقطن به والتي لا تكاد تخلو من مرتاديها على مدار اليوم؛ لقربها من مساكنهم. تأملت بزوغ الفجر واستمعت لصوت المؤذن القادم من مسجد الحي القريب، شعرت بالسكينة والهدوء والروحانية التي دبت في زوايا روحي وأنعشتها.

هدوء الفجر وتمايل أشجار الحديقة مع نسمات الهواء اللطيفة بهذا الوقت كفيلة بأن تمسح على كل الندوب التي تسكننا. في هذا الوقت زاد تأملي ونظرت إلى الأفق سابحة في ملكوت عظمة الخالق التي لا يضاهيها شيء في هذا الوجود، وأخذت أحدث نفسي بصوت لا يسمعه أحد غيري بأن كل منعطف نمر به في حياتنا يجعلنا نولد من جديد لنصبح بعدها أشخاصا مختلفين اختلافا جوهريا.

قد تذيقنا الحياة غصص بنكهات أخرى غير تلك التي كنا نعتاد عليها.

ولكن لابد أن نصل بعدها إلى قناعة رلسخة الثبوت بأن كل محنة وكسر مررنا به، وأيا كان ذلك المرور ورغم قسوته وصعوبته، إلا أنه يوما بعد يوم يزداد ذلك اليقين وتلك القناعةأن كل المواقف التي توقفنا عندها وأخذت من أرواحنا كل مأخذ، هي في النهاية كفيلة بتغيرنا كليا، ومن خلال ذلك نستطيع ترتيب كل فوضى عارمة عايشناها، سواء كانت أشخاص أو صدمات، أو أحداث غير مألوفة و علاج كل تلك الندوب التي تكونت بسبب الأيام والظروف والفقد والخيبة والتي آلمتنا بيوم ما.

بكل يقين هناك خلف الكواليس كما هائلا من الفرح متوارٍ يستعد للظهور في حياتنا، نحن من نستطيع أن نعبر كل المنعطفات التي أبكتنا يوما ونتجاوزها بسلامة.

امضِ بلا خوف واصنع مسافة بينك وبين كل من هم حولك. غادر دون أن تترك شيئا منك مع أي شخص. بهذا التوقيت سنصبح أكثر وعي وأكثر فهما سنعرف ولكن لا تعنينا المعرفة. من الرائع أن نعرف أنها أيام وحسب، وبكل شفافية تلك الأيام ستمضي حتما وسوف نمضي معها.