هو لاعب مصري عربي مسلم يُدعى “محمد علي رشوان” وأسطورة مصرية مُميَّزة في لعبة الجودو في الفترة من عام 1975م إلى عام 1992م ومن مواليد 16 يناير 1956م بمدينة الإسكندرية وقال البعض أنه بدأ حياته بممارسة كرة السلة وقيل أيضاً أنه بدأ بلعبة التنس ولكن الأهم هي الصدفة التي ساهمت في تغيير مساره لهذه اللعبة عندما شاهد أحد أصدقائه يُمارس لعبة الجودو فأُعْجِبَ بها وتَحول لممارستها وهو ابن السادسة عشرة من عمره ونجح في تحقيق بطولة الإسكندرية تحت سن 18 عاما بعد ستة أشهر فقط من التدريبات وهو ما يثبت مدى عشق هذا اللاعب للعبة الجودو ومواظبته على التمارين واحترامه للمنافسين وسمو أخلاقه الرياضية التي ساهمت في حصوله العديد من الميداليات كان أهمها أول ميداليتان برونزية في بطولة العالم العسكرية في كولورادو عام 1980م والأخرى في البرازيل، وفي عام 1982م تُوِّجَ اللاعب بذهبية إفريقيا في الوزن الثقيل والمفتوح لبطولة العالم العسكرية وأحتفظ بها في عام 1983م، وحصل على الفضية في دورة لألعاب الأولمبية الصيفية في لوس أنجلوس عام 1984م، وفضية الوزن الثقيل في بطولة العالم عام 1987م، كما حصل على الميدالية الفضية لوزن 95كجم في دورة ألعاب البحر المتوسط الحادية عشرة في أثينا عام 1991م، وكانت مجلة “ليكيب” الفرنسية الشهيرة أدرجت اسمه ضمن ثاني أفضل رياضي في العالم في الأخلاق الرياضية وجاء ضمن أفضل ستة رياضيين بالعالم لعام 1984م وأختاره وزير الشباب والرياضة أشرف صبحي لمنصب سفير الرياضة والأخلاق بعد اعتزاله اللعب.

* كيف خسر اللاعب محمد الذهبية وكسب احترام العالم؟

في قِصَّة حُصوله على الميدالية الفضية عام 1984م في لوس أنجلوس العَجَبْ العُجَاب حيث بدأ اللاعب البطولة بتميز وفوز كاسح يتلوه فوز أجمل مِمَّا قبله والذي يُثبت مدى ثقة اللاعب بنفسه وحبه وعشقه لبلده وطموحه الجامح للفوز بذهبية الجودو في البطولة حتى وصل إلى المباراة النهائية كإنجاز أول في تاريخ مصر وضَمِنَ أن يُهدي بلده العزيزة على قلبه إحدى الميداليتين الذهبية أو الفضية وإن كان هدفه مُرَكَّز على الذهبية أكثر، وتمَّ نقل المباراة على الهواء مباشرة لكل الشعب المصري لرفع معنويات اللاعب وحثه على الحصول على الذهبية رغم أن المنافس هو بطل أبطال العالم الياباني “ياسوهيرو ياماشيتا” ولكن الغريب في المباراة النهائية أن بطلنا العربي محمد كان لا يركل منافسه الياباني في قدمه أبداً وهو أمر غير منطقي في لعبة الجودو وخاصة على لاعب ماهر مثل محمد، حتى استغرب مُدَرِّبه هذا التصرف منه رغم توجيهاته المستمرة له أثناء المباراة، والتي انتهت بفوز البطل الياباني بالميدالية الذهبية وحصل محمد على الفضية وخَيَّمَ الحزن على الجميع بدءاً من الطاقم الفني والشعب المصري ثم جميع من شاهد المباراة بسبب عدم اللعب بِجِدِّية وتراخي وعدم تنفيذ تعليمات المدرب.

كانت المفاجأة عندما أقيم المؤتمر الصحفي بعد المباراة وبالتحديد عندما وَجَّهَ أحد الصحفيين الأجانب سؤالاً للاعب محمد وهو “لماذا لم تُنَفِّذْ تعليمات مدربك؟” فأجاب اللاعب بكل ثقة وتواضع: تلقيت معلومة مؤكدَّه بأن منافسي الياباني كان مصابا في الوتر الداخلي للقدم اليمنى وأن أي ركلة قوية يُمكن أن تُنْهِي حياته الرياضية فأحببت ألا أكون سبباً رئيساً في إنهاء مسيرة بطل في هذه اللعبة.

كرر الصحفي عليه سؤالاً آخراً وهو “لكنها كانت فرصة عظيمة للفوز بذهبية البطولة؟” فأجاب محمد رشوان البطل المسلم: ديني يمنعني أن أركل مصاباً وأهُدِّدَ مُستقبله الرياضي من أجل ميدالية.

تكريم اليونسكو والعالم للخلوق محمد رشوان:-

في نفس اليوم الذي أُقِيمَت فيه المباراة أصدرت منظمة اليونسكو بياناً أشادت فيه بالموقف النبيل للبطل العربي المسلم محمد ومنحته وسام الروح الرياضية نيابة عن المنظمة وحصل أيضا على جائزة اللعب النظيف لعام 1985م وجائزة أفضل خلق رياضي في العالم من اللجنة الأوليمبية الدولية للعدل بفرنسا وتم تكريمه في جمهورية مصر العربية بأرفع الأوسمة من قبل الرئيس الراحل المصري محمد حسني مبارك رحمه الله، أما البلد التي كانت منافسةً له في البطولة وهي اليابان كانت قد كرَّمت اللاعب محمد بدعوة لزيارة اليابان واستقبلته الجماهير اليابانية الراقية بكل حُب وتقدير واحترام، وكرَّمَهُ اتحاد الجودو في اليابان بوسام “الشمس المشرقة” وهو أهم الأوسمة اليابانية.

زواج اللاعب محمد رشوان من اليابان:-

أُعْجِبَتْ إحدى الفتيات اليابانيات بموقف محمد الإنساني من اللاعب الياباني وكانت قَصَّتُهُ سبباً رئيساً بعد هداية الله لها في اعتناقها الدين الإسلامي وبادلها اللاعب محمد كل الحب والتقدير والاحترام وتزوجها وأنجب منها ثلاثة أبناء هم علي وعمرو وعلياء وأستقر بهم الحال في مسقط رأسه بالإسكندرية.

وأخيراً وليس آخرا أن قِصَّة البطل العربي المسلم محمد رشوان رغم مضَى أكثر من 39 عاماً عليها إلا أنها عالقة في أذهان الكثير من البشر وخاصة غير المسلمين وأن أهم ما في هذه الرسالة هو أن المعاملة الحسنة والأخلاق العالية النابعة من العقيدة الإيمانية يمكن أن تجعل من الإنسان داعية للإسلام لأن البشر أكثر تأثراً بالأفعالِ من الأقوال وقد أكَّدَ ذلك الرسول عليه الصلاة والسلام عندما قال “لا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ حَتى يُحِبَّ لأخِيِه مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ” (رواه البخاري)، فما بالكم لو كان هذا التعامل مع غير المسلم فكيف ستكون رَدَّةَ الفعل؟، والحكمة تقول “ما أجْمَلَ أنْ تُعْطِي وأنتَ تَعْلمُ أنَّ المُقابِل لَيسَ مِنَ النَّاس، بَلْ مِنْ ربِّ النَّاس”.

يقول محمود الأيوبي:
المَرْءُ بِالأخْلَاقِ يَسْمُو ذِكْرَهُ …
وَبِهَا يُفَضَّلُ فِي الوَرَى ويُوَقَّرُ …